بعد الاتصال الذي أجراه الرئيس السوري بشار الأسد برئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، أول من أمس، لتهنئته بالفوز في الانتخابات، حطّ موفد للأسد، هو اللواء حسن توركماني، في العاصمة أنقرة. المعلومات عن الزيارة أعطت إشارات إلى إمكان إحداث انفراجة في العلاقات بين البلدين، ولا سيما بعد تصعيد أنقرة لمواقفها من الأحداث في سوريا
، غير أن المعطيات التي خرجت عن الاجتماع بين أردوغان وتوركماني أشارت إلى أن الموقف التركي لا يزال على حاله من المطالبة بالإصلاح، وأن الموفد السوري جاء مطالباً بعودة النازحين السوريين إلى تركيا، الذين وصل عددهم إلى نحو 10 آلاف، وهو ما رفضه أردوغان، مطالباً بضمانات بعدم تعرضهم لأذى، وبجدول زمني للإصلاح.
وفيما لم تُذع تصريحات بعد لقاء أردوغان وتوركماني، ذكرت مصادر في أنقرة لـ«الأخبار» أن الطلب الأساسي للموفد الرئاسي السوري كان أن «تعيد تركيا فوراً النازحين السوريين الموجودين حالياً في مخيمات في محافظة هاتاي». إلا أن الرد التركي، بحسب المصادر نفسها، شدّد على ضرورة أن تلبّي دمشق شرطين قبل عودة النازحين: الأول تقديم ضمانات ملموسة وعلنية بعدم التعرض بأذى أو ملاحقة لأي من هؤلاء النازحين، والثاني أن تقدّم السلطات السورية جدولاً زمنياً واضحاً للإصلاحات.
وكان توركماني قد وصل صباح أمس إلى أنقرة على رأس وفد يضمّ نائب وزير الخارجية عبد الفتاح عمورة. ونقلت وسائل إعلام تركية عن توركماني قوله، لدى وصوله، إنه سيناقش العلاقات الثنائية بين بلاده وتركيا التي وصفها بـ«البلد الشقيق»، ويهنّئ أردوغان على فوزه في الانتخابات الأخيرة. ورأى أن السوريين الذين فرّوا من العنف الحاصل في بلادهم إلى تركيا هم «ضيوف» فيها، و«سيبقون لفترة قصيرة». وأضاف أنهم سيعودون إلى سوريا بسرعة، بعد أن وفّرت سوريا لهم سبل العودة، وأن بعضهم بدأ العودة بالفعل.
وكان من المقرر أن يلتقي توركماني وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، غير أن الأخير توجه إلى إقليم هاتاي لتفقّد النازحين. وفي تصريحات للصحافيين، قال داوود أوغلو، رداً على سؤال بشأن ما إذا كانت تركيا ستسمح بدخول المزيد من اللاجئين السوريين في حال تجاوز عددهم العشرة آلاف، إنه «من غير المعقول أن نغلق أبوابنا أمام إخواننا السوريين، وقد أوضح رئيس الوزراء أردوغان هذه المسألة جيداً. فبالنسبة إلينا، يتشارك الشعبان التركي والسوري مستقبلاً ومصيراً مشتركاً». وحذر من أن تصعيد العنف في سوريا قد يجبر المزيد من السوريين على مغادرة بلادهم، وقال إنه لا يمكن تفادي ذلك إلا إذا لبّت الحكومة السورية مطالب شعبها. وأضاف «لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء ما يجري لدى جارنا وشقيقنا (...). نأمل أن يبدأ تنفيذ إصلاحات في أقرب وقت». وأكد أن بلاده تقوم بجهود مكثفة لدى دمشق والمجتمع الدولي من أجل «وقف ما يحصل ضد المدنيين في سوريا»، وخصوصاً من أجل أن يتوقف تدفّق اللاجئين إلى تركيا.
وقال داوود أوغلو إنه سيجتمع مع سفراء تركيا في الشرق الأوسط لمناقشة التطورات الأخيرة في المنطقة وسوريا، فيما كانت الوكالة قد أشارت إلى تأجيل الاجتماع إلى الخميس. وكانت صحيفة «زمان» التركية قد ذكرت أن الاجتماع لن ينحصر في سفراء تركيا في الشرق الأوسط، بل سيشارك فيه أيضاً سفراؤها في برلين ولندن وباريس وواشنطن، وممثّلوها الدائمون في الأمم المتحدة في نيويورك ومكتب الأمم المتحدة في جنيف وحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
في هذا الوقت، واصلت السلطات التركية استعداداتها لاستقبال المزيد من النازحين السوريين، وبدأت بإقامة مخيمين جديدين على الحدود. وقال مسؤول تركي إن عدد اللاجئين السوريين الآتين إلى تركيا بلغ 8538 شخصاً، بينهم 1740 رجلاً و2247 امرأة و4551 طفلاً، ومن بين المجموع هناك 64 تلقوا العلاج في مستشفيات تركية.
وقبل وصول داوود أوغلو إلى مخيمات النازحين، خرج بعضهم في تظاهرة في بلدة يايلاداجي، التي أقيم فيها أحد المخيمات، وهتفوا «الشعب يريد الحرية» و«ساعدنا يا أردوغان».
إلى ذلك، صرّح مصدر دبلوماسي تركي بأن الممثلة الأميركية الشهيرة أنجيلينا جولي ترغب في زيارة مخيم للاجئين السوريين في تركيا بصفتها سفيرة للنيّات الحسنة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقال المصدر التركي لوكالة «فرانس برس» إن الخارجية التركية «تدرس حالياً هذا الطلب».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب،
رويترز، يو بي آي)