يشير الانفتاح الصيني ـــــ الروسي الجديد على المعارضة الليبية إلى تطورات حاسمة قد تشهدها الهضبة الأفريقية قريباً، قد تتعلق بمصير العقيد معمر القذافي، الذي خرج عن صمته أمس معلناًً أن نظامه لن يخضع أبداً ولن يُهزمفيما يجري مندوب روسي محادثات مع مسؤولي المعارضة الليبية في بنغازي، أعلنت بكين أن دبلوماسياً صينياً زار معقل الثوار في شرق ليبيا، في خطوة تبيّن حجم التحولات التي شهدها الموقف الروسي ـــــ الصيني تجاه معارضي العقيد معمر القذافي.
وبعد أسابيع من غيابه، خرج الزعيم الليبي أمس عن صمته، متحدياً التحالف الدولي بقوله: «لن نخضع أبداً، لن تستطيعوا هزيمة شعب مسلح. ستثور بنغازي ودرنة وطبرق والبيضا والجبل الأخضر. سيكون هناك فدائي تحت كل شجرة في الجبل الأخضر، إلى الأمام بالزحف المليوني شرقاً وغرباً».
وأضاف القذافي الذي تعرض مقر إقامته في باب العزيزية بطرابلس لغارات حلف شمالي الأطلسي مراراً: «أتكلم والقصف بجانبي، لكن روحي بيد الله، لا أفكر في الموت أو الحياة، بل القيام بالواجب».
في المقابل، قال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في البيت الأبيض: «لقد كنت أنا والمستشارة واضحين. على القذافي التنحي عن السلطة وتسليمها إلى الليبيين، وسيتواصل الضغط عليه حتى يتنحى». وكان الرئيس الأميركي قد ذكر لصحيفة «تاغسشبيغل» الألمانية، أنه يريد من برلين أن تبذل مزيداً من الجهود لدعم العمليات العسكرية في ليبيا.
في غضون ذلك، أكد وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، في أوسلو، أن بلاده لا تسعى إلى أن تضطلع بـ«الدور الرئيسي» في وساطة في ليبيا.
وقال لافروف في نتائج «الوساطة الروسية» المفترضة: «لم نسع قط إلى أن نضطلع بالدور الرئيسي في وساطة في ليبيا، والأمر مناط بالاتحاد الأفريقي. إن حل الأزمة بأيدي الليبيين».
في هذه الأثناء، زار الموفد الخاص للكرملين، ميخائيل مارغيلوف، مقر المعارضة في بنغازي شرق ليبيا. وقال أول مسؤول روسي يزور ليبيا منذ بدء الثورة على نظام القذافي قبل أكثر من ثلاثة أشهر، إن موسكو تريد رأب الصدع في ليبيا.
وأضاف مارغيلوف: «البعض يتطلع إلى بنغازي، والبعض يتطلع إلى طرابلس. أما روسيا فترى أن مهمتها هي مد جسر بين هاتين الضفتين اللتين يقف عليهما المجتمع الليبي الآن».
والتقى مندوب الكرملين إلى أفريقيا، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، والمسؤول الثاني في المجلس محمد جبريل ومسؤول الشؤون العسكرية فيه عمر الحريري.
وقال مارغيلوف لدى وصوله إلى بنغازي: «روسيا لها وضع فريد في ليبيا الآن. فنحن لم نقطع العلاقات مع طرابلس وأقمنا علاقات مع بنغازي».
وعلى خط العلاقات الصينية الليبية، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، أن دبلوماسياً من السفارة الصينية في مصر زار مدينة بنغازي لإجراء محادثات مع المجلس الوطني الانتقالي. وقال إن الدبلوماسي الذي زار بنغازي درس الاحتياجات الإنسانية هناك، لكنه أضاف أنه ليس على ثقة بأن بكين تدرس تقديم معونات. وجاء الكشف عن زيارة الدبلوماسي الصيني بعد أيام قليلة من إعلان الصين أن سفيرها لدى قطر اجتمع مع رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، في أول اتصال مؤكد مع المعارضين الليبيين.
وتأتي زيارة المسؤولين الروس والصينيين بعد أيام من تصاعد حدة المواجهات بين قوات القذافي ومعارضيه، وفي مناخات إعلان عدة زعماء دوليين قرب نهاية الزعيم الليبي. وفي هذا السياق قال الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، لوكالة «فرانس برس» في نواكشوط، إن القذافي «لم يعد بإمكانه حكم ليبيا» و«رحيله بات ضرورة».
في الوقت نفسه، يقوم وزير الخارجية الليبي، عبد العاطي العبيدي، «مبعوثاً خاصاً» من القذافي، بزيارة تنتهي غداً الخميس لبكين، حيث «سيتبادل الجانبان وجهات النظر بشأن الوضع في ليبيا و(إيجاد) حل سياسي للأزمة الليبية»، حسبما ذكر هونغ لي.
من جهة ثانية، أعلنت البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة أن وزير العمل الليبي، الأمين منفور، انشق عن نظام القذافي أثناء وجوده في جنيف لحضور اجتماع منظمة العمل الدولية. وقالت ممثلة للبعثة الليبية في جنيف «نعم، نؤكد انشقاقه».
إلى ذلك، قال المحامي الفرنسي جيلبير كولار، إن عائلة الزعيم الليبي اتصلت به لرفع دعوى قضائية على فرنسا في مقتل نجله سيف العرب خلال قصف لطرابلس في 30 نيسان الماضي، فيما وافق الاتحاد الأوروبي على إضافة ستة موانئ ليبية إلى قائمة العقوبات المفروضة على حكومة القذافي.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)