المنامة | عمدت قوات الأمن الداخلي البحريني، يوم الأحد الماضي، الى الاعتداء على مواكب عزائية في ذكرى دينية خاصة لشيعة البحرين، ما أثار ردود فعل غاضبة من جانب الحشود التي أصرّت على الخروج في مواكبها، لكن هذا التصرف من جانب الأمن حشر وزير الداخلية في مأزق حقيقي قد لا يخرج منه سالماً.كان يفترض أن تمرّ المناسبة بسلام، إذ انتشر مساء السبت خبر سماح وزارة الداخلية للمواكب العزائية بالخروج، لكن الأحد حمل الخبر ونقيضه، حين أجرت وزارة الداخلية اتصالاً بالمآتم والحسينيات، وطلبت منها عدم الخروج والاكتفاء بالجلوس داخل المآتم من دون تشغيل مكبّرات الصوت الخارجية.
المواطنون أصرّوا على الخروج بأعداد هائلة قُدرت بالآلاف، على امتداد 70 قرية وفي مدينة المنامة، لكنهم وُوجهوا بردّ فعل وحشي. قُمعت مسيراتهم الدينية، ما أدّى إلى وقوع عدد كبير من الجرحى وُصفت حالات بعضهم بالخطرة. هذا التصرّف ينمّ عن عُقد لوزير الداخلية الحالي الناتجة من نظرة كبار الضباط والعسكريين الاستهزائية به، حيث يرى القادة العسكريّون هزائمه المتتالية في مواجهة الانتفاضة الشعبية التي عصفت بالبحرين منتصف شباط الماضي. لذلك أراد التعويض عن هذه الهزائم بضربة أمنية قد تنعكس سلباً على موقعه وتبعده من المشهد.
جهات عديدة في الحكم تُحمّله مسؤولية ما آلت اليه الأمور في كثير من محطات الانتفاضة، التي وصلت إلى ذروتها في 13 آذار، حين عمد متظاهرون الى إغلاق الطريق الرئيسي (شارع الملك فيصل) المؤدي الى المرفأ المالي والمنطقة الدبلوماسية والوسط التجاري في العاصمة، وهو ما أدى في نهاية المطاف الى دخول قوات «درع الجزيرة» الى المملكة لفرض الأمن، وتوجيه ضربة أمنية قاسية إلى التظاهرات.
ونتيجة ما جرى الأحد، نشرت جمعية «الوفاق» المعارضة نبأً على حسابها الخاص في موقع «فيسبوك» مفاده أنّ «قوى أمن بحرينية وخليجية قمعت بوحشية مواكب عزائية، وثمّة أنباءً مؤكدة عن سقوط جرحى، وسنوافيكم بالتفاصيل لاحقاً».
الغضب داخل «الوفاق» كان كبيراً، وما جرى أعاد الى الأذهان مشهداً مماثلاً عام 2004. في حينها خرجت مسيرة كبيرة شارك فيها أكثر من 100 ألف بحريني، تنديداً بتفجير مرقد العسكريين في العراق. كان يتقدّم المتظاهرين رجلا الدين الشيعيان الشيخ عيسى قاسم والسيد عبد الله الغريفي. وفي المسيرة لفيف من رجال الدين الشيعة الكبار والمؤثرين في الساحة. لم يعرف أحد سبب ضرب المسيرة (غير المرخصة) التي خرجت لأسباب غير سياسية (محلية). يومها قُتل رجلا دين شيعيان وآخرون، وأُصيب النائب الوفاقي، جواد فيروز (المعتقل اليوم) بطلق مطاطي في رأسه.
كانت البلاد تواجه مصيراً مظلماً بعد التعدي على مسيرة تتقدّمها مرجعيات دينية. اتصل الملك حمد حينها بالشيخ عيسى قاسم ليطمئن إلى صحته. بعد الاتصال اختلى قاسم بالأمين العام لـ«الوفاق» علي سلمان. قبل أن يخرج الأخير من خلوته مع بيان ملكي بإقالة وزير الداخلية محمد آل خليفة، وتعيين الفريق الركن راشد بن عبد الله آل خليفة، رئيس هيئة الأركان في الجيش البحريني، فهل يواجه عبد الله المصير ذاته، أم أن الظروف تغيّرت؟