على وقع تصاعد الموقف الدولي من الأحداث في سوريا، برز أمس تصريح لرئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، تلا فيه تحذيرات للسلطات في دمشق، في وقت تواصلت فيه روايات المحتجين والناشطين الحقوقيين عن اعتقالات وحشود في مدن مختلفة. وقال أردوغان، في مقابلة تلفزيونيّة أول من أمس، إنه «لا يريد أن يرى مذبحة حماة تحدث مرة أخرى في سوريا». وحذر من أن حدوث مثل هذه الأمور سيجبر المجتمع الدولي على اتخاذ موقف من سوريا، مؤكداً أن بلاده ستتخذ الموقف نفسه في هذه الحالة. ونبّه أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد إلى عواقب الاستمرار في قتل المدنيين. كذلك حذر من أن «سوريا لن تنهض مرة أخرى إن وقعت فيها مثل هذه المذابح». وطالب الأسد «بالإصغاء إلى مطالب الشعب السوري الطامح إلى الحرية»، مشيراً إلى أن الرئيس السوري «أعلن أنه سيُلغي العمل بقانون الطوارئ، لكنه لم يتخذ الخطوات الجادة لتحقيق ذلك حتى الآن».وتتزامن تحذيرات أردوغان مع تصريحات فرنسيّة وألمانية بشأن السعي إلى فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي على زعماء سوريين، بينهم الرئيس الأسد. وقال وزير الخارجيّة الفرنسي آلان جوبيه للصحافيين «نحاول العمل مع شركائنا الأوروبيين». وأجاب رداً على سؤال عمّا إذا كان الأسد يجب أن يكون بين المستهدفين بالعقوبات قائلاً «هذا هو ما تريده فرنسا». ورأى أن «حكومة تقتل مواطنيها لأنهم يريدون التعبير عن أنفسهم من أجل إقامة ديموقراطية حقيقية تفقد شرعيتها».
بدوره، صرح نائب وزير الخارجية الألماني فيرنر هوير بأن الوقت حان للتحرك. وقال «لا تترك التصرفات الوحشية المستمرة للحكومة السورية للاتحاد الأوروبي خياراً سوى الضغط بقوة لتطبيق عقوبات موجهة ضد النظام».
وكان سفراء الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الاوروبي قد كلّفوا الجمعة الماضي خبراء بالعمل على صياغة العقوبات التي قد تشمل حظر الأسلحة وتجميد أموال ومنع منح تأشيرات سفر تطال المسؤولين عن القمع.
في هذا الوقت، نقلت وكالة «رويترز» عن أنس الشغري، الذي وصفته بأنه «أحد قادة المحتجيّن في بانياس»، قوله إن «القوات السورية ومسلحين موالين للرئيس السوري انتشروا في مناطق في وسط المدينة». وأضاف «تحركوا صوب منطقة السوق الرئيسية. أغلق الجيش المدخل الشمالي وقام بتأمين الجنوب. سلّحوا القرى التي يقطنها علويون في التلال المطلة على بانياس، ونواجه الآن ميليشيات من الشرق».
وفي موقف هو الأول من نوعه ولم يردّده أحد آخر سابقاً، تحدث الشغري عن اعتقالات «تقوم بها قوات أمن بلباس مدني». وقال «إنهم يستهدفون السنّة. يؤسفني أن أقول إن الدعاية التي يروّجها الأسد عن أن العلويين لن يتمكنوا من البقاء إذا أطيح، تجد استجابة بين جيراننا العلويين، رغم أن التظاهرات كانت تطالب بالحرية والوحدة بغض النظر عن الطائفة».ونفى الشغري أن يكون المواطنون في المدينة مسلحين. وقال إن «الشبان الذين يحملون الهراوات كانوا يحرسون حواجز الطرق التي أقيمت في وجه القوات المسلحة التي تنتشر في المنطقة».
وفي السياق، اتهمت المنظمة السورية لحقوق الإنسان، في بيان بثّته وكالة «يو بي آي»، الأجهزة الأمنية بالقيام بحملة اعتقالات خلال اليومين الماضيين شملت نحو ألف شخص في عدة مناطق سورية. وقالت «لا تزال الاعتقالات الجماعية التي تقوم بها السلطات السورية مستمرة في المحافظات السورية، ولا سيما في محافظتي درعا وريف دمشق، إضافة إلى مدينة كفرنبل التابعة لمحافظة إدلب».
بدورها، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر سوريا إلى السماح للعاملين في مجال الصحة بالوصول الآمن والفوري إلى جرحى أصيبوا في احتجاجات في مدينة درعا الجنوبية والسماح لهم بزيارة المعتقلين. وقالت اللجنة إن السلطات السورية تقترب من السماح للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري بزيارة مستشفيات في الريف حول العاصمة دمشق في الأيام المقبلة.
ولكنها أضافت أن من المهم الوصول إلى درعا. وتابعت أنه لم يسمح حتى للهلال الأحمر السوري بدخول المدينة.
إلى ذلك، سكب ناشطون من منظمة «مراسلون بلا حدود»، أمس، الطلاء على جدران السفارة السورية في باريس، ودوّنوا عليه عبارة «الحبر يجب أن يسيل وليس الدماء». وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن نحو 30 شخصاً سدّوا الطريق إلى السفارة السورية بواسطة شاحنتين صغيرتين قبل أن يسكبوا طلاءً أزرق على جدران السفارة وهم يهتفون «الحبر يجب أن يسيل وليس الدماء»، ودوّنوا العبارة على الطلاء.
(سانا، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)