دخلت الأزمة الليبية هذا الأسبوع مرحلة جديدة يبدو معها أن القرار الدولي باغتيال العقيد معمر القذافي دخل حيّز التنفيذ، فقد أدى مقتل أحد أبناء الزعيم الليبي، وثلاثة من أحفاده، بقصف نفّذته قوات حلف شمالي الأطلسي، إلى موجة من الغضب لدى بعض مؤيدي النظام، الذين هاجموا عدة سفارات أوروبية في العاصمة طرابلس، فيما رفضت المعارضة والأطلسي طرح القذافي وقف النار. وأعلن المتحدث باسم الحكومة، موسى إبراهيم، أن غارة عنيفة استهدفت ليل السبت الأحد منزل سيف العرب القذافي، ما أدى الى مقتله وثلاثة من أحفاد العقيد الليبي.
ورأى المتحدث الليبي أن «الهدف من العملية كان اغتيال قائد هذا البلد مباشرةً»، مضيفاً إن «منزل سيف العرب.. تعرّض لهجوم من وسائل قوية». ولفت خلال مؤتمر صحافي في طرابلس إلى أن «القائد (القذافي) وزوجته كانا في المنزل مع أصدقاء ومقربين.. ونجا.. ولم يصب أيّ من الاثنين».
وشُيّع نجل القذافي سيف العرب (29 عاماً) وحفيده نجل محمد القذافي، سيف (عامان)، وحفيدته ابنة هانيبعل، قرطاج (سنتان)، وابنة عائشة القذافي، مستورة (أربعة أشهر)، «وأصدقاؤهم وجيرانهم الذين استشهدوا جميعاً في عدوان التحالف الصليبي الآثم على منزل الأخ القائد في أحد أحياء مدينة طرابلس»، حسبما ذكر التلفزيون الليبي الرسمي.
ونفى حلف الأطلسي استهداف القذافي أو عائلته في القصف الذي وقع السبت الماضي، لكنه قال إنه وجّه ضربات جوية إلى أهداف عسكرية.
وفي أعقاب الهجوم خرجت جماهير مؤيدة للزعيم الليبي الى الشوارع في تحرك غاضب لتستهدف بعض السفارات الأجنبية. وقال نائب وزير الخارجية الليبي، خالد الكعيم، إن من بين السفارات التي هوجمت السفارتان البريطانية والإيطالية وإدارة الشؤون التجارية والقنصلية الأميركية.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أن لندن قررت طرد السفير الليبي لدى بريطانيا «إثر الهجمات على بعثات دبلوماسية في طرابلس»، فيما قالت الأمم المتحدة إن موظفيها الدوليين الـ 12 في العاصمة الليبية غادروا البلاد، بعد دخول حشد من الناس الغاضبين مقرّ المنظمة الدولية.
وفي بنغازي، أطلقت عيارات نارية ابتهاجاً. وانتشرت على طول البولفار البحري السيارات وهي تطلق العنان لأبواقها، فيما أضيئت السماء بالرصاص الخطّاط والصواريخ من بطاريات مضادة للطائرات وبنادق هجومية.
وقال المتحدث العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي، العقيد أحمد عمر باني «إنهم يعبّرون عن فرحتهم لفقدان القذافي نجله في غارة جوية وهم يطلقون النار فرحاً» بمقتله.
إلا أن رئيس المجلس، مصطفى عبد الجليل، عبّر عن شعوره بالألم والحسرة، قائلاً «نحن نتألم ونتحسر لكل دم أريق حتى عندما قُصف الليلة الماضية منزل معمر القذافي. نحن نتأسى لأيّ دم أريق من دون وجه حق، لكن دماء أبناء معمر القذافي ليست بأغلى من دماء الليبيين والليبيّات».
في المواقف، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده مستعدة لمناقشة احتمال تنفيذ عملية برية في ليبيا، لكن فقط في إطار مجلس الأمن الدولي.
لكن وزارة الخارجية الروسية قالت في بيان لها «لدينا شكوك حقيقية في تصريحات أعضاء الائتلاف بأن الهجمات على ليبيا لا تستهدف القضاء على القذافي وعائلته».
في المقابل، قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي، جون ماكاين، لشبكة «سي بي اس» التلفزيونية، إنه «لا بأس» إذا قتلت الغارات الجوية التي يشنها الأطلسي الزعيم الليبي أثناء استهدافها مراكز قيادته.
وذكر ماكاين، الذي زار بنغازي معقل المعارضة المسلحة في الشرق الشهر الماضي، أنه غير راض عن أسلوب معالجة الرئيس باراك أوباما للأزمة في ليبيا «لأننا أدّينا دوراً ثانوياً».
بدوره، قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، لينزي غراهام، إن القذافي «هدف عسكري مشروع» لأنه يعمل خارج إطار القانون الدولي ويهاجم المدنيين.
من جهة أخرى، أعلن العقيد القذافي، وهو يجلس وراء مكتب وأمامه أوراق بعضها بدا كمذكرات كتبت بخط اليد، أن «ليبيا ترحب بوقف إطلاق النار، وأعلنت موقفها أكثر من مرة، ومستعدة في هذه اللحظة لوقف إطلاق النار من طرفها، لكن لا يمكن وقف إطلاق النار من جانب واحد».
لكنه أضاف في خطاب بثه التلفزيون الليبي «عليكم ان تيأسوا من أن يرحل القذافي. أنا لا أملك منصباً ولا سلطة لكي أتركهما. بلادي لن أتركها وسأقاتل فيها وأموت فيها».
وأضاف «أدعوكم الى التفاوض. نحن لن نستسلم. تريدون النفط تعالوا نعقد اتفاقيات ومعاهدات مع شركاتكم، لكن من دون حرب. مستعدون للتفاوض مع فرنسا وأميركا لكن من دون شروط».
إلّا أن المعارضة وحلف شمالي الأطلسي رفضا عرض القذافي قائلين إنه يفتقر إلى الصدقية. وفي طرابلس، أكد أكثر من 400 ممثل لقبائل مناصرة للقذافي في بيان لهم، أنهم يستعدون للتوجه الى بنغازي للقاء قبائل المدن التي يسيطر عليها المتمردون بهدف التوسط «للمصالحة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)