طغت أنباء الاعتقالات في عدد من المدن السورية على المشهد السوري خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما تراجعت وتيرة التظاهرات المناهضة للنظام، في وقت تصاعدت فيه المطالبات بفك الحصار عن مدينة درعا التي تشدد السلطات على أنها تلاحق «مجموعات إرهابية» في داخلها، فيما يؤكد أهل المدينة سلمية تحركهم، وتعرّضهم لحملة أمنية واسعة النطاق. وفيما تحدثت معلومات دبلوماسية عن وصول وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في زيارة لم يعلن عنها للقاء الرئيس السوري بشار الأسد وعدد من المسؤولين السوريين، بدا أن السلطات الأمنية تتجه نحو إحكام سيطرتها على درعا، بعد أنباء تحدثت عن قيام قوة تدعمها دبابات بقصفها، فضلاً عن شنّ عمليات اعتقال واسعة في داخل أحيائها.
من جهتها، أعلنت وكالة الأنباء السورية «سانا» مقتل «عشرة عناصر من المجموعات الإرهابية واعتقال 499 منهم»، فيما تحدث مصدر عسكري مسؤول عن قتل قوات الأمن خمسة من القناصة كانوا يطلقون النار على المارة. وأبلغ المصدر أن اثنين من أفراد قوات الأمن قتلا أيضاً في الاشتباكات، فيما شيّعت أمس جثامين 6 من عناصر الجيش وقوى الأمن «استهدفتهم المجموعات الإرهابية المتطرفة فى درعا» قبل يومين.
كذلك أصدرت وزارة الداخلية السورية بلاغاً أعربت فيه عن دعوتها «الإخوة المواطنين ممن غرّر بهم وشاركوا أو قاموا بأعمال يعاقب عليها القانون، من حمل للسلاح أو إخلال بالأمن أو الإدلاء ببيانات مضللة، إلى المبادرة لتسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات المختصة، والإعلام عن المخربين والإرهابيين وأماكن وجود الأسلحة، وسيصار إلى إعفائهم من العقاب والتبعات القانونية، وإلى عدم ملاحقتهم»، في مهلة تستمر حتى الخامس عشر من الشهر الحالي.
في غضون ذلك، أعلنت منظمات حقوقية أن قوات الأمن اعتقلت عدداً من المعارضين السوريين خلال الأيام الماضية، بينهم المحاميان نادر الحسامي وعبد الله الخليل والأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديموقراطي حسن إسماعيل عبد العظيم، والقيادي الشيوعي عمر قشاش، فيما تحدث مصدر كردي عن أن قوات الأمن السورية ألقت القبض على المعارضين عبد القادر الخزناوي وعبد الصمد علي.
من جهته، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الأجهزة الأمنية في سراقب (ريف إدلب) اعتقلت 28 مواطناً جلّهم من الناشطين»، مشيراً إلى أن من بين المعتقلين نجلي المعارض البارز والمعتقل محمود باريش، أيهم وشادي.
وفي قرية كرباوي قرب القامشلي، ذكرت وكالة «رويترز» أن ألفي كردي حضروا جنازة المجند أحمد فنار مصطفى البالغ من العمر 20 عاماً. ورفض والد مصطفى، الذي اتهم قوات الأمن بقتل نجله لرفضه المشاركة في القمع، السماح للمحافظ بحضور جنازة ابنه، فيما نقل شاهد في الجنازة عن الوالد قوله «يقتلون القتيل ويمشون في جنازته».
في غضون ذلك، نظّمت مجموعة من النساء أمس تجمعاً في دمشق ضم حوالى 150 امرأة دعماً لمدينة درعا المحاصرة، قبل أن تفرقهم السلطات، تلبيةً لدعوة أطلقها معارضون وناشطون من موقع «شباب الثورة السورية 2011» لتنظيم تظاهرات يومية تحت عنوان «أسبوع رفع الحصار».
ودعا المعارضون إلى تعبئة اليوم في بانياس (شمال غرب)، والأربعاء في حمص وتلبيسة (وسط) وتل كلخ على الحدود مع لبنان، فيما يأمل المحتجون تنظيم اعتصام ليليّ الخميس المقبل في جميع المدن السورية.
على المقلب السياسي، شدد الرئيس التركي عبد الله غول، أمس، على أن بلاده تتمنّى أن تتحقق الإصلاحات وعملية الانتقال الديموقراطي في سوريا من دون إراقة المزيد من الدماء. وأضاف «تركيا تحاول أن تقدم مساهمات بنّاءة لسوريا لتحقيق الإصلاحات وعملية الانتقال انسجاماً مع المطالب المشروعة لشعبها»، مؤكداً أن بلاده تتخذ «إجراءاتها الخاصة إذا اتجهت التطورات في سوريا إلى السيناريو الأسوأ».
أما وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، فحذر في حديث إلى إذاعة «أوروبا 1» من أنه «إذا استمر النظام السوري على هذا النهج (من القمع) فإنه سيسقط يوماً ما»، مذكّراً بأن الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات على النظام السوري. وأوضح «نحن بصدد العمل مع شركائنا الأوروبيين لتحديد عدد من العقوبات على المستوى الأوروبي، وذلك ليس فقط لتأكيد إدانتنا، بل لتأكيد تحركنا للتصدي لمثل هذا السلوك أيضاً».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)