المنامة | «أشتون لن تزور البحرين»، «حُلّت المسألة وستصل إلى البحرين»، هذه كانت أجواء الزيارة المُفترضة لكاثرين أشتون، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أمس، من دون أن يُحسم مجيئها من عدمه. لكن المؤكّد أن السلطات عرقلت هذه الزيارة، لتعكس امتعاضاً بحرينياً ومن ورائه آخر سعودي، من مسعى البارونة. واستبق الملك حمد بن عيسى آل خليفة زيارتها للمنامة بلقائها في الإمارات أول من أمس، على هامش مشاركتها في مؤتمر أبو ظبي للحوار الخليجي الأوروبي. وسرت أنباء أن السلطات البحرينية أخبرت أشتون أن معظم المسؤولين غير موجودين حالياً في المملكة، ما عُدّ رغبةً غير مباشرة في إلغاء الزيارة التي تسعى من خلالها إلى لقاء المعارضة، والاطلاع على الأوضاع عن كثب.
وعلى الأرجح أن تكون للسعودية الذراع الطولى في هذه الإهانة التي لحقت بالاتحاد الأوروبي؛ إذ هاجم الإعلام السعودي مسعى أشتون عبر انتقاده تصريحاتها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.
وجاء الخبر الرسمي بخصوص لقاء الملك أشتون في الإمارات مقتضباً؛ إذ أورد أنه «رحب جلالة الملك المفدى بالبارونة أشتون وبحث معها العلاقات الطيبة القائمة بين المملكة والاتحاد الأوروبي، وسبل تنميتها في مختلف المجالات، منوهاً جلالته بالدور الأوروبي الحيوي في الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، وخاصة في منطقة الخليج».
ومع عرقلة زيارة أشتون، يبدو أن الطرف الأميركي بات الوحيد القادر على الدخول إلى ملف البحرين، بعدما صار في يد السعودية مباشرة، مع الحركة اللولبية لنائب وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان واستفراده في لقاء القوى السياسية البحرينية المعارضة والموالية.
من جهة ثانية، أصدر عضوان في الكونغرس الأميركي بياناً عبّرا فيه عن قلقهما البالغ لوضع حقوق الإنسان في البحرين. وأعربا عن دعمهما للتطلعات والكفاح السلمي لشعب البحرين. وأشارا إلى خوفهما على حياة نشطاء حقوق الإنسان، بما في ذلك الوضع الصحي لزينب الخواجة، المضربة عن الطعام منذ 9 نيسان بسبب اعتقال والدها وزوجها. وعبرا عن قلقهما من محاولة التضييق على جمعية «الوفاق». ودعوا الولايات المتحدة إلى عدم السماح للمصالح السياسية بأن تمنع قمع حرية التعبير والمطالبة بالحقوق.
وكان الأمين العام لجمعية «الوفاق» علي سلمان، قد رفع من وتيرة انتقاداته للإجراءات القمعية التي تمارس بحق الشعب البحريني، متسائلاً: «كم من الوقت يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه؟». وأشار إلى أن المعارضة تدعو دوماً إلى التحرك السلمي. لكنه حذّر من أنه «لا يعرف إلى متى سيستمر الشبان في الالتزام بذلك؟».
في هذه الأثناء، بدأت محاكمة الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة. وقالت ابنته زينب إنه لم يسمح لأفراد عائلته بدخول المحكمة. وأضافت أنها لا تعلم الاتهامات الموجهة إليه، على الرغم من أن وكالة أنباء البحرين «بنا» ذكرت أن الجلسة حضرها «ممثلون عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وكذلك عدد من ذوي المتهمين والمجني عليهم».
وأوضحت زينب أن والدها اتصل ليل أول من أمس ولم يبد على ما يرام. ورجحت أن يكون «مصاباً في فمه لأنه بالكاد يتحدث». ومما قاله الخواجة لابنته: «البلاء عظيم، لكن المعنويات عالية». وفهمت أن والدها يشير إلى أعمال تعذيب يتعرض لها.
وقال النائب العام العسكري في قوة دفاع البحرين إن محكمة السلامة الوطنية الابتدائية باشرت بالنظر في أربع جنايات محالة عليها. الأولى، بخصوص واقعة الشروع في قتل عدد من رجال الأمن العام بغرض «إرهابي وإتلاف أموال عامة» والمتهم فيها عبد الله محمد حبيب. والثانية، بخصوص واقعة الشروع في قتل عدد من رجال الأمن العام بغرض «إرهابي»، والمتهم فيها سليمان يحيى حمزة. والثالثة، بخصوص اختطاف أحد رجال الأمن العام، وقُدِّم 10 متهمين في هذه القضية. والرابعة، بخصوص قيام المتهم حسن عبد الوهاب أحمد بالتستر على أحد المتهمين، وكذلك حيازة سلاح مسروق من أحد رجال الأمن العام.
بالتزامن مع المحاكمات، اعتُقل عدد من الناشطين، إضافة إلى الاعتداء على طالبات في مدرسة العهد الزاهر في مدينة حمد، واعتقال قوات الأمن عدداً منهن، فيما تواصلت عمليات هدم المساجد والحسينيات الشيعية في عدد من المناطق.
هذا وخصصت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية صفحتها الأولى عن «الإرهاب السري في البحرين»، الذي يقوم على تهديد الأطباء وترويعهم واعتقالهم. وقالت الصحيفة إنها اطلعت على عدد من الرسائل البريدية التي «تكشف عن ترهيب واعتقال عدد من الأطباء الذين عالجوا المحتجين من نشطاء الديموقراطية المصابين أو المحتضرين».
وأوضحت أن هناك 32 طبيباً على الأقل احتُجزوا واعتُقلوا الشهر الماضي في حملة ترهيب تتعارض مباشرة مع اتفاقية جنيف. وتصف إحدى الرسائل البريدية التي أرسلها جراح بحريني لزميله البريطاني، بالتفصيل، التهديدات التي تواجهها الفرق الطبية في الوقت الذي يناضلون فيه لمعالجة ضحايا أحداث العنف. وتقدم هذه الرسالة لمحة عن الإرهاب والإرهاق الذي يعانيه الأطباء والفرق الطبية عموماً.