شُغلت إيران الرسمية أمس بزيارة «إمبراطورية» للرئيس التركي عبد الله غول، لم تعكرها محاولة المعارضة تنظيم تظاهرات تحت عباءة توجيه التحية لثورتَي مصر وتونس، في محاولة مستميتة لتأكيد أنها لا تزال موجودة ولم تمت كما يكرر النظام.والزيارة الرئاسية الأولى لغول بصفته رئيساً للجمهورية التركية، التي تنتهي غداً الأربعاء، وتحمل في طيّاتها مشاريع «كبيرة» في إطار تكوين ما يشبه «التحالف الاستراتيجي» مع إيران، بدأت كلاسيكية، بلقاء مع نظيره محمود أحمدي نجاد، مع عقد مؤتمر صحافي سادته تلميحات إلى ذلك المشروع الكبير من دون الخوض في تفاصيله طبعاً. وشدد نجاد على أن طهران وأنقرة «مصممتان على تعزيز تعاونهما السياسي والاقتصادي؛ لأن هذا التعاون سيحول سريعاً منطقتنا إلى قطب سياسي واقتصادي وثقافي مؤثر، وهذا يصب في مصلحة السلام والاستقرار» في المنطقة. وفيما لم ينسَ نجاد توجيه الشكر إلى غول «على موقف تركيا من حقوق إيران النووية»، في إشارة إلى الجهود التركية لفرض توازن قوى مع القوى الغربية في الملف النووي الإيراني، فقد ركّز على أهمية رفع المبادلات التجارية بين البلدين من 10 مليارات دولار إلى 30 ملياراً، فضلاً عن توقيع «اتفاق تعرفة تفضيلية» لإعطاء دفع لهذه المبادلات.
وردّ غول التحية، بإشارته إلى أنه لا «عقبات أمام تطوير التعاون بين البلدين»، كاشفاً عن إجراء «محادثات مفصَّلة واتخاذ قرارات هامة».
وعلى الرغم من أن غول لم يتطرق إلى المسألة النووية، إلا أنه تحدث عن «تغيرات عميقة جارية في الشرق الأوسط»، من دون أن يفصّل قصده. وأضاف: «في عالمنا اليوم، لا يمكننا اخفاء شيء عن الشعوب، ويعلم الأشخاص بكل شيء». وتابع: «عندما لا يأخذ قادة بعض الدول مطالب شعوبهم في الاعتبار، عندها تتحرك الشعوب».
وتزامنت زيارة غول لإيران مع تظاهرة تمسكت المعارضة الإيرانية بإجرائها تأييداً للانتفاضتين الشعبيتين في تونس ومصر، رغم رفض الحكومة الترخيص لها.
ونقلت وكالات الأنباء العالمية عن شهود عيان قولهم إن عشرات من أفراد قوات الأمن الإيرانية تدفقوا على شوارع طهران لمنع التظاهرة المقررة، بعدما رفضت السلطات طلب زعيمي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي تنظيمها.
لكنّ المعارضة الإيرانية تحدّت التعليمات الرسمية، وجدّدت الدعوة إلى المشاركة في التظاهرة رغم إصرار السلطات على تفادي «أزمة أمنية». وقال شاهد من وكالة «رويترز» إنّ «هناك عشرات من رجال الشرطة ورجال الأمن في شارع ولي العصر سدّوا مداخل محطات المترو في وسط العاصمة»، بينما ذكر شاهد آخر أن سيارات للشرطة وقفت قرب سجن ايفين في طهران. أما الموقع الإلكتروني الخاص بموسوي، فقد أفاد بأن قوات الأمن وضعت حواجز على الطريق، ومنعت الوصول إلى منزله في جنوب العاصمة. كذلك قُطعَت الاتصالات الهاتفية الثابتة والخلوية عن منزل موسوي، بهدف منعه وزوجته زهرة رهنورد من المشاركة في التظاهرة، ليصبح وضعهما شبيهاً بكروبي المفروضة عليه الإقامة الجبرية منذ يوم الخميس الماضي.
لكنّ مئات من المحتجين تحدّوا إجراءات السلطة، على ما أفادت الأنباء نفسها، ونزلوا إلى شارع أزادي (الحرية)، متجهين إلى الميدان الذي يحمل الاسم نفسه، وهو نقطة التجمع المعتادة للمتظاهرين. وقال شاهد: «يسير الآلاف صوب شارعي أزادي وانقلاب. هناك مئات من شرطة مكافحة الشغب، لكن لم تقع مصادمات حتى الآن». ولفت شهود آخرون إلى أن مئات من المحتجين تجمعوا في مدينة أصفهان الوسطى للتظاهر.
وقال شاهد عيان، بحسب وكالات الأنباء العالمية: «ألوف يشاركون في المسيرة، ولا يرددون هتافات، ورغم ذلك أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم قرب ميدان الإمام الحسين». إلا أن وكالة «فرانس برس» أشارت إلى أن الاشتباكات اندلعت عندما بدأ حشد من أنصار المعارضة بالهتاف «الموت للديكتاتور».
مصادر مطلعة في طهران لا تستغرب محاولات «أجهزة الدعاية الغربية تضخيم ما جرى في طهران، حيث حصل أن تظاهرت مجموعات من بضع عشرات، على الأرصفة في أكثر من مكان من العاصمة، سرعان ما انفضت».
(«الأخبار»، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)