باريس ــ تؤكّد المعلومات المتناقلة في باريس أنّ الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وعائلة زوجته آل طرابلسي وضعا أيديهما في السنتين الماضيتين على ما يعادل ٤٠ في المئة من اقتصاد الدولة التونسية. وبدأت تتكشّف حقيقة نسبة النهب التي قامت بها عائلة بن علي، من وكالات السيارات إلى شركات الهاتف والمصارف والعقارات والفنادق، مروراً بالسياحة والنقل، إضافةً إلى المصانع والمختبرات، أي بطريقة مبسّطة كل ما يمكن أن يدر أرباحاً مالية، وذلك إمّا عبر شراء هذه الشركات بأسعار زهيدة أو المشاركة بطريقة فرض خوّة «لا يمكن رفضها» تحت طائلة التهديد الجسدي. من بلحسن طرابلسي، الذي سيطر على شركة قرطاج الجوية وبسببه لم توقّع تونس اتفاق «السماء المفتوحة» رغم الضغوط الدولية، إلى سليم شيبوب، الذي أجبر الحكومة على تغيير القوانين كي يفتح فرعاً لسلسلة سوبر ماركت «كارفور» الفرنسية. النهب لم يكن يقتصر على وضع اليد على الشركات المربحة، بل إنّ العائلة وضعت نوعاً من «الضريبة الموازية»، بطريقة خوّات تُجمَع من جميع العاملين في التجارة والصناعة باستعمال أدوات الدولة من شرطة إلى مصلحة الضرائب، التي كانت تصل إلى حد «إجبار البعض على التخلي عن شركات مربحة وناجحة مقابل مبالغ زهيدة».
ويعود اسم ليلى طرابلسي بقوة إلى واجهة البحث عن جذور المافيا التي حكمت تونس، إلى جانب «أسرة بن علي» المؤلفة من ستة أشقاء وشقيقات، وأزواج بناته الثلاث من زواجه الأول، منهم سليم شيبوب، الذي وضع يده على «سوق الدواء» وعلى مئات الآلاف من الدونمات من الأراضي التي اشتراها بسعر زهيد جداً. وكذلك مروان مبروك الذي «وضع يده على وكالة سيارات مرسيدس».
أما عائلة طرابلسي، المؤلفة من عشرة أشقاء وشقيقات، وعدد كبير جداً من الأولاد، فكانت تؤلف شبكة أخطبوطية وضعت يدها على كل مرافق الحياة الاقتصادية التونسية. بلحسن طرابلسي كان «أشرسهم»، فإلى جانب شركة الطيران كان يسيطر على شركة هواتف «غلوبال نت ورركينغ» ووكالة شاحنات فورد وجاغوار وهونداي، إضافةً إلى سلسلة فنادق وقرى سياحية مقفلة، تضاف إليها قناة تلفزيونية «قرطاج تي في»، وإذاعة «موزاييك». ويقال إنّ آخر «مآثره»، حسب صحيفة «فيغارو» الفرنسية، كان شراء أراضٍ شاسعة مصنفة «تراثاً عالمياً» من جانب الأونيسكو مقابل «يورو واحد» قبل أن يعود ويبيعها بمبالغ خيالية. أما صخر الماطري، زوج سرين الابنة البكر لبن علي وليلى، فقد «تخصص» في التمويل الإسلامي، إضافةً إلى الخوات المفروضة على «عطاءات الدولة». وقد استطاعت عائلة ليلى الضغط على بن علي بسبب تعلقه بابنه الصغير محمد بن علي (٦ سنوات) والتهديد بإبعاده عنه، وهذا ما حصل السنة الماضية عندما «هربت ليلى مع ابنها إلى دبي» ولم تعد قبل «خصخصة تجارة الشاي والبن» لمصلحة أحد أشقائها.
وتقدّر ثورة عائلة بن علي اليوم بنحو ٦ مليارات دولار موزعة في العديد من المصارف في سويسرا وليشنشاتين وفرنسا وبريطانيا، بينما تقدّر ثروة آل طرابلسي بـ ١٤ مليار دولار، تشمل ممتلكات في فرنسا والأرجنتين وسويسرا ودبي. وتبدو العلاقة قوية جداً مع إمارة دبي، حيث حصل بلحسن طرابلسي على عمولة بلغت ٥٠ مليون دولار مقابل بيع ٣٥ في المئة من شركة «هات تونس» إلى مجموعة إماراتية.