لم ينجح رئيس الوزراء التونسي، محمد الغنوشي، في محاولة انقلابه على الحكم بتعيين نفسه رئيساً بديلاً للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ففشلت بذلك محاولة التفافه على المادة 57 من الدستور، التي تنص على تكليف رئيس مجلس النواب في حال شغور منصب رئاسة الجمهورية. لكن رئيس الوزراء، الذي لازم بن علي منذ انقلابه الأبيض على سلفه الحبيب بورقيبة في عام 1987، احتفظ بمنصبه رئيساً لمجلس الوزراء، الذي تسلمه في عام 1999. الغنوشي، الذي أعلن الجمعة الماضي أنه يتولى الرئاسة مؤقتاً خلفاً لبن علي حتى إجراء انتخابات مبكرة، لم يدم في هذا المنصب أكثر من 24 ساعة، بعدما فطن جهابذة القانون إلى أن هذه السيطرة على مقاليد الحكم غير دستورية. ويبدو أن محاولات ابن مدينة سوسة الساحلية (100 كيلومتر جنوبي العاصمة) للملمة الوضع المضطرب في الساعات الأخيرة لسقوط النظام، عبر إقالة وزير الداخلية رفيق بلحاج قاسم، لم تشفع له ملازمته الطويلة للرئيس الهارب، فطالبت المعارضة بمحاكمته أسوة ببن علي، على اعتبار أنه كان مسؤولاً رئيسياً في صناعة القرار السياسي، الذي أدى إلى انحدار الوضع إلى مستوى خطير وسقوط قتلى مدنيين.
الغنوشي، المولود في 18 آب 1941، كان ضمن فريق دخل الحكومة حين عين بورقيبة بن علي رئيساً للوزراء. وحين ترك بورقيبة السلطة، بناءً على «تقرير طبي» مزور يفيد بأنه في حالة صحية لا تسمح له بمواصلة مهماته، تولى بن علي الرئاسة وعين الغنوشي في منصب وزير المال ثم وزيراً للتعاون الدولي والاستثمار. وفي تشرين الثاني 1999، عين بن علي الغنوشي رئيساً للوزراء. عُرف الرجل بتكنوقراطيته واهتمامه بالاقتصاد، لهذا قضى فترة إعارة لوزارة المال في فرنسا، كجزء من دراسته. والغنوشي أحد مهندسي الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال العقدين الماضيين، فضلاً عن دوره في مفاوضات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وكان الغنوشي، الذي يحمل إجازة في العلوم السياسية والاقتصادية من جامعة تونس، قد شغل عدة مناصب، بدءاً من منصب نائب وزير تخطيط واقتصاد قبل أن يعين سنة 1975مديراً للإدارة العامة للتخطيط. وعُين في 1987 لفترة وجيزة بوزارة التخطيط في حكومة بن علي. وأعيد تكليفه حقيبة التخطيط في 1988 بعد حركة 7 تشرين الثاني 1987. وعين رئيس وزراء خلفاً لحامد القروي بعد الانتخابات الرئاسية لسنة 1999.
الا أنه رغم توليه رئاسة الحكومة ظل ترتيبه البروتوكولي، على المستوى الحزبي، الثالث، بصفته النائب الثاني لرئيس حزب التجمع الدستوري الديموقراطي بعد النائب الأول القروي، ولم يصبح نائب رئيس الحزب الوحيد إلا في 5 أيلول 2008.