الخليل ــ الأخبار خرج محمد السلايمة (17 عاماً)، أول من أمس، من منزله كي يحضر قالب حلوى، طالباً من عائلته أن تنتظره كي يعود للاحتفال معها بذكرى ميلاده. لكن محمد خرج ولم يعد. كانت جندية للاحتلال بانتظاره كي تُرديه برصاصة قاتلة، قرب الحرم الابراهيمي وسط مدينة الخليل.
وعلى أثر استشهاد محمد، اندلعت مواجهات بين شبان الضفة وجنود الاحتلال، عادت وتجدّدت أمس، وأسفرت عن إصابة عدد من الشباب الفلسطيني، على أثر استخدام الجنود قنابل غازية ورصاصاً مطاطياً، ردّاً على حجارة الضفة. وتروي مصادر فلسطينية ما جرى مع محمد وتقول إن «الشهيد السلايمة أراد احضار كعكة الميلاد بمناسبة عيد ميلاده (مواليد 12/12/1995)، فعاجله جنود الاحتلال برصاصات قاتلة أدت الى وفاته على الفور، وبعد سماع الخبر اندلعت مواجهات بين الشبات وقوات الجيش في محيط الحرم الابراهيمي». وذكرت أن «للشهيد أخاً أسيراً محرراً هو عوض زياد السلايمة، أُبعد إلى غزة ضمن الصفقة الأخيرة التي تمت بين حماس واسرائيل». وتقول عائلة الشهيد إن «محمداً احتفل مع أصدقائه صباح اليوم (أول من أمس) في المدرسة بمشاركة الهيئة التدريسية». وأضافت «محمد ودعنا مساء قبل خروجه من المنزل»، مؤكداً أنه «سيعود سريعاً للاحتفال مع عائلته». وأوضحت أنها «قلقت عند تأخر محمد عن عودته الى البيت الى حين سمعنا صوت 4 رصاصات قريبة من المنزل، والتي أدت الى استشهاده على الفور».
وبحسب رواية جيش الاحتلال، التي أذاعتها المتحدثة لوبا السمري، فان «شاباً وصل الى أحد الحواجز القريبة من مدخل مدينة الخليل مثيراً بسلوكه شكوك العناصر، الذين تواجدوا في ثكنة الحاجز، والذين أوعزوا له بدورهم بالتعريف عن نفسه، الا أن الشاب المشتبه قام بإشهار مسدس باتجاه عناصر شرطة حرس الحدود، الأمر الذي حدا بإحدى المجنّدات على اطلاق العيارات النارية تجاهه مما أسفر عن مصرعه هناك». وأضافت السمري «أنه وعلى أثر ذلك، حصل في مقربة من المكان تجمهر لمواطنين محليين، بحيث قامت قوات من شرطة حرس الحدود بمعالجة الأمر وتفريق المتجمهرين». وأضافت أنه «ومع وصول خبير المتفجرات الى المكان تبين أن الحديث يدور حول مسدس معدني وهمي (مسدس لعبة)». وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي غضباً عارماً ضد المجندة الاسرائيلية. وتناقل الفلسطينيون صورها داعين الى قتلها في اول فرصة انتقاما لروح الشهيد. «المجندة القاتلة» كانت قد صرحت لبرنامج «بوكر توف اسرائيل» بـ«انها عملت حسب الاوامر».
من جهة ثانية، أكّدت مصادر فلسطينية أن مواجهات دارت عقب استشهاد محمد «بين عدد من الشبان الفلسطينيين الغاضبين وقوات من حرس الحدود والجيش الإسرائيلي في مناطق متفرقة من المدينة»، ما لبثت أن تجدد أمس. وقال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية أطلقت عيارات نارية وقنابل مسيلة للدموع باتجاه عشرات الشبان وطلاب المدارس، الذين رشقوا تلك القوات بالحجارة احتجاجاً على استشهاد الفتى السلايمة. وأصيب شاب بجراح خطيرة اثر اطلاق قوات الاحتلال الاسرائيلي النار عليه مساء أمس، في منطقة باب الزاوية في الخليل، ووصفت المصادر الطبية حالته بالحرجة، ليرفع عدد اصابات أمس في الخليل الى 90 اصابة. وأدانت رئاسة السلطة الفلسطينية في بيان استشهاد محمد، وقالت إنه يأتي تنفيذا لسياسة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته افيغدور ليبرمان واليمين المتطرف في إسرائيل.
في غضون ذلك، أكدت مصادر عسكرية اسرائيلية لصحيفة «معاريف» أن «الجيش الاسرائيلي يستعد لامكان اتساع دائرة الصدامات المتفرقة في الضفة الغربية، مع ارتفاع حدة ومستوى التظاهرات والمصادمات مع الجيش»، محذرة من أن «الأوضاع الامنية يمكن أن تنفجر بسبب حدث صغير فردي هنا او هناك، مع الجيش الاسرائيلي». وأشارت الصحيفة الى أن الجيش الاسرائيلي قام أخيراً برصد ارتفاع في حدّة الصدامات والتظاهرات مع الجيش، وتحديداً بعد عملية «عمود السحاب» ضد قطاع غزة، مشيرة الى أن «الجيش أعلن حالة استنفار خاصة في مختلف مناطق الضفة الغربية، خشية تردي الاوضاع الى مزيد من الصدامات، وبالاخص أن الضفة الغربية تشهد حالة من الغليان اللافت، خلال الشهر الاخير».
مع ذلك، نقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية اسرائيلية تأكيدها، أن «الاحداث والمواجهات، ما زالت تحت السيطرة، ولا يبدو ان المستقبل القريب يحمل انتفاضة فلسطينية ثالثة، الا انهم في قيادة المنطقة الوسطى يستعدون بالفعل لسيناريو ان بحيث تؤدي أحداث معزولة، الى احداث اكثر شمولية وواسعة النطاق، الامر الذي لم تشهده الضفة الغربية منذ سنوات طويلة»، مضيفة ان « التقديرات السائدة لدى المؤسسة الامنية في اسرائيل، تؤكد أن عهد الهدوء التام في الضفة، قد انتهى بالفعل». وأكدت المصادر العسكرية الاسرائيلية أن «الخشية تنبع من الاحباط الفلسطيني السائد حاليا في الضفة، اذ رغم الاعتراف الاممي بفلسطين كدولة مراقبة في الامم المتحدة، ورغم كل الاحتفالات الفلسطينية التي نظمت في الاونة الاخيرة، الا ان شيئا لم يتغير على ارض الواقع، الامر الذي من شأنه ان يقود الى صدامات واسعة النطاق، بل ان حادثا معزولا او فرديا، من شأنه كما حصل في الخليل (امس)، يمكن ان يشعل المنطقة بأكملها».