أكد الرئيس السوري بشار الأسد أنّ بقاءه في منصبه أو رحيله رهن بصناديق الاقتراع، معتبراً أنّ النزاع في بلاده ليس حرباً أهلية بل هو صراع مع «ارهاب» مدعوم خارجياً. وفي حديث إلى قناة «روسيا اليوم»، أضاف الأسد إنّ مسألة بقاء الرئيس أو رحيله تعود إلى الشعب، وليست مسألة تتعلق برأي الآخرين. وحمل الأسد على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، قائلاً إنّه يعتقد نفسه «السلطان العثماني الجديد»، وإنّه «يستطيع السيطرة على المنطقة كما كان الأمر خلال عهد الإمبراطورية العثمانية، وتحت مظلة جديدة. إنّه يفكر في أعماقه في أنه خليفة». وقال إن «أردوغان يعتقد أنه إذا استولى الإخوان المسلمون على الحكم في المنطقة، وخاصة في سوريا، يستطيع أن يضمن مستقبله السياسي». وتوقّع الرئيس السوري «أن تكون الحرب طويلة» في بلاده إذا «استمرت عمليات تزويد الارهابيين بالسلاح والمساعدات اللوجستية».
ونفى أن تكون قواته قد ارتكبت جرائم حرب. وقال «من غير المنطقي أن يرتكب جيش جرائم حرب ضد شعبه، لأن الجيش السوري يتكوّن من أفراد الشعب السوري. لو أراد الجيش أن يرتكب جرائم حرب بحقّ شعبه فإنه سينقسم ويتفتّت».
ورأى الأسد، رداً على سؤال إن كان يعتقد أنه الرجل الوحيد الذي يمكن أن يحافظ على سوريا موحدة، أنّه طبقاً للدستور، «ينبغي أن أكون قادراً على حلّ هذه المشكلة، لكن إذا كان المقصود أنّه ليس هناك سوري آخر يمكن أن يصبح رئيساً، فالجواب هو لا. فأيّ سوري يمكن أن يكون رئيساً، هناك العديد من السوريين المؤهلين لهذا المنصب. لا يمكن ربط البلد بأسره بشخص واحد فقط وعلى نحو دائم». وقال إن «الإرهاب عدوّنا. الأمر لا يتعلق بالأشخاص، المسألة لا تتعلق ببقائي أو رحيلي، بل تتعلق بأن يكون البلد آمناً وغير آمن. هذا هو العدو الذي نقاتله كسوريين».
وأشار إلى أنّ المعركة ليست معركة الرئيس، إنها معركة السوريين. كل سوري يشارك حالياً في الدفاع عن بلده. ولفت إلى وجود انقسامات في سوريا، «لكن الانقسامات لا تعني حرباً أهلية»، معتبراً أن الأمر مختلف حالياً، فالحرب الأهلية ينبغي أن تكون على أساس مشكلات عرقية أو مشاكل طائفية، «قد يكون هناك في بعض الأحيان توترات عرقية أو طائفية، لكن هذا لا يجعل منها مشكلة، إذا كان هناك انقسام في العائلة الواحدة، أو في قبيلة أكبر، أو في مدينة واحدة، فهذا لا يعني أن هناك حرباً أهلية. ما يحدث أمرٌ مختلف تماماً وهذا طبيعي، وعلينا أن نتوقع ذلك». وأشار إلى أنّ «غالبية الحكومات العربية تدعم سوريا ضمناً، لكنّهم لا يجرؤون على قول ذلك علانية، لأنهم يتعرضون لضغوط من الغرب، ومن البترودولار». وأضاف «هناك أولاً العراق الذي يؤدي دوراً فعالاً في دعم سوريا خلال هذه الأزمة، لأنّه بلد مجاور، وهم يدركون أنه إذا حدثت حرب داخل سوريا فسيكون هناك حرب في البلدان المجاورة، بما في ذلك العراق. وهناك بلدان أخرى لها مواقف جيدة، مثل الجزائر وعُمان على نحو أساسي، وهناك بلدان أخرى لست بصدد تعدادها الآن لديها مواقف إيجابية، لكنّها لا تتصرف بناءً على تلك المواقف». ولدى سؤاله عن موقف السعودية وقطر، قال «إن بعض البلدان العربية تعتقد بأنها تستطيع السيطرة على سوريا من خلال الإملاءات أو من خلال المال أو البترودولار، وهذا غير ممكن في سوريا، هذه هي المشكلة. ربما يريدون أن يؤدوا دوراً. ليس لدينا مشكلة في ذلك، يستطيعون أن يؤدوا دوراً، سواء كانوا يستحقون ذلك أو لا، لكن ليس على حساب مصالحنا». وحول ما إذا كان الأمر يتعلّق بالسيطرة على سوريا أم بتصدير رؤيتهم للإسلام إليها، قال إنه «لا يمكن القول إن ذلك سياسة حكومية في هذه البلدان، في بعض الأحيان يكون هناك مؤسسات في بلدان معينة، وفي بعض الأحيان يكون هناك أشخاص يدعمون هذا التوجه، لكنهم لا يعلنون عن ذلك كسياسة رسمية.. وهكذا، فإنهم لم يطلبوا منا الترويج للمواقف المتطرفة لمؤسساتهم، لكن ذلك يحدث في الواقع». وعن ضبط الحدود السورية، قال الأسد إنه ما من بلد في العالم يستطيع أن يضبط حدوده تماماً، حتى الولايات المتحدة لا تستطيع ضبط حدودها مع المكسيك على نحو كامل. وقد ينطبق الأمر نفسه على روسيا، وهي بلد كبير. وأضاف «يمكن للبلدان تحقيق وضع أفضل على حدودها من خلال إقامة علاقات جيدة مع جيرانها، وهو ما لا نمتلكه الآن مع تركيا على الأقل، فتركيا تدعم أكثر من أي بلد آخر تهريب الإرهابيين والأسلحة إلى سوريا». وعما إذا كان لديه أي معلومات تفيد أن أجهزة الاستخبارات الغربية تموّل مقاتلي المعارضة في سوريا، أجاب الأسد «ما نعرفه حتى الآن هو أن هذه الأجهزة تقدم دعماً معلوماتياً للإرهابيين من خلال تركيا، وفي بعض الأحيان من لبنان على نحو رئيسي، لكن هناك أجهزة استخبارات أخرى، ليست غربية، بل إقليمية، نشطة جداً وأكثر نشاطاً من الأجهزة الغربية، وبالطبع تحت إشراف أجهزة الاستخبارات الغربية».
وعن دور «القاعدة» في سوريا، قال إنه لا يعتقد أنهم يسعون إلى السيطرة على هذه المجموعات المعارضة، «بل إنهم يسعون إلى تأسيس إمارتهم بحسب التعابير التي يستخدمونها، لكنهم يحاولون على نحو رئيسي إخافة وترهيب الناس من خلال التفجيرات والاغتيالات لدفع الناس إلى اليأس، وكي يقبلوا بهم كأمر واقع، لكن هدفهم النهائي هو إقامة إمارة إسلامية في سوريا».
وعن إمكان قيام حرب مع تركيا قال «عقلانياً، لا أعتقد ذلك لسببين. الحرب بحاجة إلى الدعم الشعبي، وغالبية الشعب التركي لا تريد مثل هذه الحرب. لذلك لا أعتقد أن أيّ مسؤول عقلاني يمكن أن يفكر في معارضة إرادة الشعب في بلاده. وينطبق الأمر ذاته على الشعب السوري. وهكذا لا أعتقد بأن هناك أي احتمال لقيام حرب بين سوريا وتركيا».
وعن العلاقة مع إيرا،ن قال الرئيس السوري «علاقاتنا تتحسن باستمرار، لكننا في نفس الوقت نتحرك نحو السلام. كان لدينا عملية سلام ومفاوضات سلام، ولم تكن إيران عاملاً ضد السلام، هذه معلومات مضللة يسعى الغرب إلى ترويجها، وهي أننا إذا كنا نريد السلام فلا ينبغي أن يكون لدينا علاقات طيبة مع إيران. ليس هناك أية علاقة بين الأمرين».
(أ ف ب، يو بي آي)