كرّر وزير الخارجية السوري وليد المعلم اتهامات بلاده للولايات المتحدة وقطر وتركيا والسعودية بدعم الإرهاب، في حين أكّد إيمان دمشق بالحل السياسي للخروج من الأزمة، معتبراً أن المطالبة بتنحّي الرئيس بشار الأسد «مجرّد أوهام». وأعلن المعلم، في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنّ أعضاءً دائمين في مجلس الأمن يدعمون الإرهاب في سوريا، معتبراً أنّ بلاده «تواجه إرهاباً منظماً طاول مواطنين ومؤسساتنا الوطنية والكثير من معالم سوريا التاريخية، عبر تفجيرات واغتيالات وأعمال نهب وتخريب». وأعلن المعلم أنّ «الحكومة السورية بادرت إلى الدعوة للحوار في بداية الأحداث، من دون أن يلقى ذلك أيّ استجابة من أطراف المعارضة، كما استجابت الحكومة لكلّ مبادرة مخلصة لإيجاد حلّ سلمي بين السوريين يحفظ دماءهم ووحدة سوريا. وانطلاقاً من ذلك الموقف، ورغم اقتناع الحكومة بعدم وجود نيات صادقة لدى بعض الأطراف الإقليمية والدولية التي تُفشل كل محاولات الحوار، رغم ذلك تعاونت سوريا مع لجان المراقبة واستقبلت بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا وقدمت لها كافة التسهيلات».
وأشار المعلم إلى أنّ سوريا «رحّبت بتعيين الأخضر الإبراهيمي ممثلاً خاصاً للأمين العام، وأكدت الاستعداد للتعاون معه»، معتبراً أنّ «نجاح أيّ خطة دولية يتضمن إلزام الدول الداعمة للمجموعات المسلحة، وفي مقدمتها تركيا والسعودية وقطر وليبيا، بوقف تسليح وتمويل وتدريب وإيواء المجموعات الإرهابية المسلحة ودعم الحوار».
ورأى وزير الخارجية السوري أنّ «ما تتعرض له سوريا مشكلة لها وجهان؛ الأول الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية مطلوبة شعبياً، أما الثاني فاستغلال المطالب الشعبية لأمور تختلف مع مطالب الشعب». وشدّد على أنّ «الشعب السوري هو المخوّل الوحيد في اختيار مستقبل دولته وشكلها، معتبراً أنّ «دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي تدخّل سافر في شؤون سوريا الداخلية»، وقال إن الدعوات إلى تنحّي الرئيس هي «أوهام»، كما دعا «كل الأطراف إلى حوار بنّاء تحت سقف الوطن»، معلناً «أننا نؤمن بالحلّ السياسي كخطّ أساسي للخروج من الأزمة».
وفي حديث تلفزيوني، اتهم وزير الخارجية السوري الولايات المتحدة باستخدام موضوع الأسلحة الكيميائية لشنّ «حملة» تشبه تلك التي سبقت غزو العراق عام 2003. وقال إنّ «هذا الموضوع هو من بنات أفكار الإدارة الأميركية. هذا هراء صنعوه لشنّ حملة على سوريا تشبه ما فعلوه بالعراق».
من جهة أخرى، حذّر المعلم الدول الداعمة للمعارضة من أنّ «الإرهاب» سيرتدّ عليها، لافتاً إلى أنّ «الولايات المتحدة ذاتها سوف تتذوق سمّ الإرهاب الذي تدعمه»، موضحاً أنّ بداية «التذوق» كانت «في بنغازي (حيث قتل السفير الأميركي)، لكنهم لم يتعلموا على ما يبدو درسهم في أفغانستان». كذلك رأى أنّ «الجزء الأكبر من العنف الذي نواجهه في سوريا مصدره تركيا»، مؤكداً أنّ «من يرسل هذا الإرهاب سيرتدّ عليه».
في سياق آخر، أكدت رئاسة الجمهورية المصرية رفضها أيّ تدخل عسكري خارجي في سوريا على خلفية الأزمة القائمة هناك، محذِّرة من أن ذلك سيُُفاقم الأزمة. وشدّد الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، ياسر علي، على أنّ مصر لن تتدخل عسكرياً على الإطلاق، وأنها مع التدخل السياسي فقط، و«أنّ الرئيس محمد مرسي أكّد ذلك في أكثر من مناسبة»، مضيفاً أنّه لا بدّ من الضغط على النظام السوري، و«ذلك تحقيقاً لإرادة الشعب السوري ووقفاً لشلال الدم». وقال إن إحدى الوكالات نقلت كلاماً غير دقيق عن هذا الموضوع، مؤكداً «أنّ رئيس الجمهورية والمتحدث الرسمي هما المخوّلان بالحديث عن موقف الرئاسة الرسمي».
من ناحيته، أعلن الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي أندرس فوغ راسموسن أنّه ليس لدي الحلف أيّ نية للتدخل في مالي أو في سوريا.
وقال راسموسن، خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، «نحن قلقون جداً إزاء الوضع» في سوريا، «لكننا لا نرى حلاً عسكرياً» للنزاع. وأضاف «لا نجري أيّ محادثات بخصوص خيار عسكري»، داعياً مجدداً الأطراف إلى «إيجاد حلّ سياسي».
ميدانياً، جرت اشتباكات عنيفة، يوم أمس، بين القوات النظامية السورية والمقاتلين المعارضين في الأسواق القديمة لمدينة حلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وذكرت وكالة «فرانس برس» أنّ اشتباكات بالأسلحة الرشاشة وقعت بين مقاتلين معارضين متحصّنين داخل أحد أقسام السوق المقابلة لقلعة حلب التاريخية، وجنود نظاميين موجودين خارجه. وشهدت مناطق مختلفة في حلب اشتباكات، لا سيّما في حيّي الصاخور وصلاح الدين، بحسب المرصد.
وأشار المرصد إلى «تعرّض مبنى محافظة حلب للقصف بقذيفة من قبل مقاتلي الكتائب الثائرة المقاتلة، ما خلق حالة ذعر عند الموظفين الذين أخرجوا من المبنى، وقطع الرابط بين ساحة سعد الله الجابري والقصر البلدي»، فيما قتل 21 شخصاً، بينهم ثمانية أطفال، في غارة شنّتها طائرة حربية على سلقين في ريف إدلب، بحسب المرصد.
وقال المرصد، في بيان، إنّ «21 شهيداً سقطوا إثر قصف تعرضت له بلدة سلقين من قبل القوات النظامية السورية التي اشتبكت مع مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في محيط البلدة».
من جهته، نقل التلفزيون الرسمي السوري تعليقاً على قصف سلقين أنّ «الجهات المختصة دمرت عدداً من السيارات المزودة برشاشات دوشكا، وقضت على مجموعة إرهابية مسلحة كانت تعتدي على المواطنين».
وفي مناطق سورية أخرى، قتل ستة أشخاص في قصف للقوات النظامية السورية على مناطق في محافظتي درعا وحمص، بحسب المرصد. وفي حمص، تعرضت منطقة الحولة وبلدة طلف لقصف عنيف من قبل القوات النظامية. من ناحية أخرى، قتل 18 جندياً نظامياً سورياً وجرح أكثر من ثلاثين آخرين، في كمين للمقاتلين المعارضين في محافظة حمص، بحسب المرصد. وأوضح المرصد أنّ هؤلاء سقطوا «إثر تفجير عبوات ناسفة وكمين لقافلة للقوات النظامية، تضمّ حافلات وشاحنات وسيارات على طريق حمص تدمر».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)