القدس المحتلة | لم يوقف وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف، أفيغدور ليبرمان، هجماته وتهديداته ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما يفعل في كل مناسبة، لكن أركان حكومة الاحتلال حاولوا، كما يفعلون دائماً، التخفيف من وطأة هذه التهديدات، بما أن عواقبها ستكون كارثية على الفلسطينيين والإسرائيليين على حدّ سواء، وخصوصاً أن الملفين السوري والإيراني يتصدران المشهد في المنطقة. آخر صيحات ليبرمان في هذا السياق هي الدعوة الى وقف ما وصفه بتوصيل «رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بجهاز التنفس الاصطناعي الذي تقوم به إسرائيل، والتي تمنع ظهور قيادات فلسطينية جديدة، وتزيد من خطر سيطرة «حماس» على الضفة الغربية أيضاً».
ليبرمان، الذي كان يتحدث إلى صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، قال إن خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة كان «بمثابة بصقة في وجه الحكومة الإسرائيلية، التي عملت في الأشهر الأخيرة على تقديم مساعدات للسلطة الفلسطينية برئاسة عباس لضمان عدم انهيارها». وهدد بأنّه في حال مواصلة رئيس السلطة الفلسطينية مساعيه لنيل اعتراف من الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدولة فلسطينية «فإننا سنجعله يدفع الثمن، ولن يمر هذا الأمر دون ردّ منا».
وقال ليبرمان إن «ما يحدث الآن في الضفة الغربية هو الفوضى بعينها؛ فمحمود عباس يعرقل عمل سلطة حكومة سلام فياض ويمنع جباية الضرائب، فضلاً عن وجود ميليشيات من الفساد في الحكم والضفة الغربية، كما أن الدول العربية، كقطر والسعودية، لم تعد تثق به، وتوقفت عن تحويل الأموال والدعم المالي للسلطة الفلسطينية، فضلاً عن الأوروبيين الذين باتوا يرون أن استثماراتهم تذهب هباء».
وأكد وزير الخارجية اليميني أنه على «اتصال دائم مع عناصر فلسطينية تحذّر دائماً من أن حركة «حماس» تعتزم السيطرة على الحكم في الضفة الغربية»، رافضاً الإفصاح عن هوية هؤلاء الفلسطينيين. لكن الصحيفة قالت إن من المعقول جداً الافتراض أن قسماً منهم على الأقل هم من المعارضين الداخليين لمحمود عباس مثل المستشار الاقتصادي السابق لياسر عرفات، محمد رشيد، والقيادي الفتحاوي محمد دحلان.
وأضاف ليبرمان إن «أبو مازن منتهٍ، وزمنه ولّى ولا ينبغي الانتظار إلا إذا أرادوا تسليم المفاتيح لحماس». وادعى أن التذمر الداخلي في السلطة الفلسطينية ضد عباس يتصاعد وأن «الشعب هناك يعرف كم يسافر إلى خارج البلاد. وعليه أن يكشف حساباته البنكية وحسابات أبنائه وكل أملاكهم». وتابع «انظر إلى ما يقوله دحلان ورشيد».
في المقابل، حمل وزير الجيش في حكومة الاحتلال، إيهود باراك، على ليبرمان وتصريحاته بشأن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. وقال إن «تصريحات ليبرمان هذه لا تمثل سياسة الحكومة، بل تمس بمصالح إسرائيل، علماً بأن زوال السلطة الفلسطينية كما يأمل ليبرمان قد يؤدي الى استيلاء «حماس» على الضفة الغربية». وأكد أنه سيطلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إجراء نقاش في مجلس الوزراء حول سياسة إسرائيل بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية.
وأعرب باراك عن ثقته بأن المصالح السياسية والأمنية لإسرائيل تلزمها بالتعامل مع السلطة الفلسطينية بشكل أو بآخر، رغم تصريحات الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أشاد كذلك بالجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية في المجالين الأمني والاقتصادي.
الحديث عن التحسن في الأداء الاقتصادي للسلطة الفلسطينية يأتي في وقت تفرض فيه إسرائيل حصاراً شاملاً على الأراضي الفلسطينية، وتغلقها بالكامل لمدّة عشرة أيام، بسبب عيد «العرش» اليهودي، الأمر الذي سيشل الحركة الاقتصادية ودخول العمال الفلسطينيين للعمل داخل الأراضي المحتلة ووقف المصانع، وبالتالي وقف تدفق الأموال إلى الأراضي الفلسطينية خلال هذه الفترة.