تونس | نجح أبو عياض (اسمه الحقيقي سيف الله بن حسين)، زعيم السلفية الجهادية في تونس، المعروفة بتنظيم «أنصار الشريعة»، في مراوغة أعوان الأمن في ثلاث مناسبات متتالية أيام السبت والأحد والاثنين. قوات الأمن التي حاولت اعتقال أبو عياض فشلت في مسعاها في ثلاث مناسبات متتالية عندما حاولت القبض عليه في بيته ظهر الجمعة، بعد الأحداث الدامية في محيط السفارة الأميركية في ضاحية البحيرة، كما لم تتمكن من اقتياده في مقبرة الجلاز عندما حضر في تشييع جنازة أحد ضحايا السفارة من السلفيين، وفشلت في القبض عليه في المسجد الذي جاء إليه لإلقاء خطبة بعد صلاة الظهر يوم الاثنين الماضي، أعلن فيها بوضوح تحدّيه للدولة ووزير الداخلية علي العريض الذي دعاه أبو عياض للاستقالة بعدما فشل في فرض الأمن. وتوعد أبو عياض في خطبته حركة النهضة الإسلامية الحاكمة بأقسى العقاب، داعياً إياها الى الانسحاب من الحكم ما دامت غير قادرة على فرض شريعة الله. هذه الخطبة التي ألقاها المقاتل السابق في مخيمات أفغانستان، والمطلوب لأكثر من دولة منها تركيا وبريطانيا، كانت في مسجد محاط بتعزيزات أمنية غير مسبوقة. لكن أبو عياض نجح في الانسحاب بحماية أنصاره الذين هبّوا إلى المسجد بملابسهم المميزة التي أصبحت مألوفة لدى الشارع التونسي.
تحدّي أبو عياض كان رسالة من السلفيين لحكومة النهضة، وخصوصاً أن خطبته الحادة تزامنت مع هجمة قادتها صفحات السلفيين ضد حركة النهضة. وقد توعد أبو عياض حركة النهضة بمصير زين العابدين بن علي، ورأى أن الملاحقة الأمنية التي قد تستهدف أنصاره سيكون ردّ الفعل عليها عنيفاً وغير متوقع، فيما تبرّأ من أحداث السفارة الأميركية. المحللون السياسيون رأوا أن ما يحدث اليوم بين السلفيين والنهضة متوقع، وحمّلوا الحركة مسؤولية التقاعس في معالجة العنف السلفي. ورأى القيادي في حزب المسار الديموقراطي، سمير بالطيب، أن النهضة لا تريد أن تخسر السلفيين كحليف انتخابي، لذلك لا تتشدد معهم. من جهتها، رأت الصحافة التونسية أن الاستعراض الخطابي الذي قام به أبو عياض، بمثابة دليل على عجز الدولة عن فرض القانون، فيما رأى البعض أن السلفيين ليسوا أكثر من جناح تابع للنهضة الحاكمة ستستعمله في إرهاب معارضيها خلال الانتخابات. في المقابل، يرى البعض الآخر أن السلفيين أصبحوا عبئاً على النهضة، بعدما أحرجوها أمام القوى الدولية، خاصة بعد سلسلة الاعتداءات التي شهدتها البلاد. وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان شهر العسل بين حركة النهضة وحلفائها من السلفيين قد انتهى وستضحّي بهم الحركة من أجل إرضاء القوى المدنية وشركاء تونس، أم أن الأخيرة ستتحاشى المواجهة معهم.