تونس | فجر القيادي في حركة نداء تونس، التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي، الأزهر العكرمي، السبت قنبلة إعلامية لا أحد يعلم إلى أين ستصل تداعياتها، وذلك بعدما أعلن أن دولاً صديقة للحركة كشفت عن مخطط لاغتيال السبسي، وأن جهات حكومية ضالعة في ذلك، وأنه سيتم نسب الاغتيال إلى السلفيين. هذا التصريح لوزير الداخلية السابق، المحامي المعروف بنشاطه الحقوقي، أصدرت في أعقابه رئاسة الحكومة التونسية بياناً على صفحتها الرسمية على «فايسبوك»، اتهمت فيه العكرمي بالادّعاء وإثارة البلبلة، وتوعدته بالمتابعة القضائية. كذلك حمّل المستشار السياسي لرئيس الحكومة، لطفي زيتون، المسؤولية للعكرمي، ورأى أن تصريحاته خطيرة جداً ولها تأثير مباشر على السلم الاجتماعي.
من جهتها، سارعت الشرطة إلى استدعاء العكرمي يوم الأحد، من دون أن تحترم الإجراءات القانونية التي يجب اتباعها في مثل هذه الحالات، باعتبار أن المحامي يتمتع بالحصانة ودعوته تتم عن طريق فرع تونس للهيئة الوطنية للمحامين. أما العكرمي فرفض التعليق على تكذيب الحكومة له. وأكد صحة ما صرّح به لإذاعة «شمس أف أم»، في حين سارعت وزارة الداخلية إلى تجديد الحماية الأمنية التي كان يتمتع بها السبسي، بعدما كانت قد سحبتها منذ أشهر.
مخطط الاغتيال اعتبرته قيادة حركة نداء تونس حلقة جديدة من مسلسل الاعتداءات التي يتعرض لها رئيس الوزراء السابق، إذ تعرضت سيارته قبل فترة لمطاردة من قبل مجهولين، بينما لم يكن فيها آنذاك. كذلك دعا مستشار وزير الشؤون الدينية حبيب بن الطاهر، في حشد سلفي، في شهر آذار الماضي، إلى قتل السبسي. ورغم خطورة الدعوة، لم يتم إيقاف المستشار، كما اعتاد أنصار حركة النهضة والسلفيين رفع لافتات في مسيراتهم، وآخرها مسيرة «اكبس» الشهيرة كتب عليها «الموت للسبسي».
هذا الاستنفار الذي واجهت به حركة النهضة الحزب الجديد الذي أسّسه الباجي قائد السبسي، يرجّح متابعون للشأن التونسي أنه كان بسبب سرعة انتشار هذا الحزب الذي أعلن قبل ثلاثة أشهر فقط، ونجح الحزب في أن يكون منافساً جدياً للنهضة.
وبغض النظر عن الجهات التي قد تكون تخطط لاستهداف السبسي ومدى جدية هذه التسريبات، فإن مجرد التفكير في الاغتيال يعدّ ظاهرة جديدة ترعب التونسيين الذين لم يعرفوا في تاريخهم الاغتيال السياسي، باستثناء حادثة اغتيال الزعيم صالح بن يوسف سنة ١٩٦٢.
ويخاف التونسيون اليوم من أن يتطور العنف الرمزي والمادي الذي انتشر في الشارع منذ هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى عنف دموي سيغرق البلاد في دوامة لا مخرج منها، ولا سيما مع انتشار السلاح على الحدود الليبية، وانتشار الظاهرة السلفية التي يتبنى شقّ منها العنف. ولعل أحداث السفارة الأميركية التي يتزايد ضحاياها كل يوم، تمثل إنذاراً خطيراً وجاداً للتونسيين مع اقتراب موعد ٢٣ تشرين الأول، الذي يطرحه حزب «نداء تونس» باعتباره موعداً لانتهاء شرعية الحكومة الحالية. ويدعو الحزب إلى تعويضها بشرعية التوافق بين كل الأطراف السياسية بعد انتهاء الشرعية الانتخابية حسب المرسوم الذي جرت وفقه الانتخابات. وهو ما ترفض النهضة وحزبا الترويكا الالتزام به، باعتبار أن المجلس الوطني التأسيسي هو سيد نفسه.