أنهت قمة منظمة التعاون الإسلامي الاستثنائية، التي عقدت في مكة الثلاثاء والأربعاء، أعمالها بالتشديد على دعم الشعوب الإسلامية «المقهورة»، فيما علقت عضوية سوريا، ودعت إلى رفع قضية مسلمي ميانمار الى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وشددت القمة على «الوقوف صفاً واحداً مع الشعوب الإسلامية المقهورة التي ترزح تحت الظلم والقهر على مسمع ومرأى من العالم أجمع، وتواجه عدواناً بشعاً تحت الطائرات وأفواه المدافع والصواريخ الموجهة ضد المواطنين العُزّل، ناشرة الدمار والقتل في المدن والقرى الآمنة على أيدي الجيوش الوطنية النظامية، كما هي حال شعبنا العربي المسلم في سوريا».
وأضاف البيان إن قادة دول المنظمة التي تمثل أكثر من 1,5 مليار نسمة في العالم، اتفقوا «على أهمية وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا ووحدة أراضيها والإيقاف الفوري لكل أعمال العنف، مع تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي». ودعا «ميثاق مكة» الإعلان الختامي المشترك، الى «تجنب بعضنا استخدام الطائفية المذهبية لخدمة سياسته وأهدافه بدلاً من استخدام السياسة لخدمة الدين»، مشدداً على ضرورة محاربة الفتن «التي بدأت تستشري في الجسد الإسلامي الواحد على أسس عرقية ومذهبية وطائفية».
وشدد الميثاق على المضي قدماً في «محاربة الإرهاب والفكر الضال المؤدي إليه وتحصين الأمة منه وعدم السماح لفئاته بالعبث بتاريخ الأمة وتعاليم كتابها وسنة نبيها». كما حمّل الميثاق الإعلام مسؤولية كبيرة في «درء الفتن وتحقيق أسس وغايات التضامن الإسلامي».
وفي الوقت نفسه، شدد قادة الدول الإسلامية على «أهمية قضية فلسطين باعتبارها القضية المحورية للأمة الإسلامية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشريف».
وحمّلوا إسرائيل مسؤولية توقف مفاوضات عملية السلام.
على صعيد آخر، قرر زعماء الدول الإسلامية رفع قضية أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، مستنكرين عنف السلطات ضدهم. وقال البيان الختامي إن قادة دول المنظمة عبروا عن «إدانتهم الشديدة لاستمرار سلطات ميانمار في استخدام العنف ضدهم وإنكار حق المواطنة».
من جهته، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، أن جميع قادة المنظمة (شارك نحو 40 رئيس دولة) تطرقوا في كلماتهم الى قضية الروهينغا، ما يؤكد للمجتمع الدولي وللحكومة البورمية أن «أكثر من مليار ونصف مليار مسلم يقفون خلف» مسلمي بورما.
وعن قرار تعليق عضوية سوريا، أوضح إحسان أوغلو، أن البند المتعلق بتعليق عضوية سوريا يشكل «رسالة قوية جداً للنظام السوري يوجّهها العالم الاسلامي بأنه لا يمكن أن يقبل بوجود نظام يقتل شعبه وأهله بالمدافع الثقيلة والدبابات والطائرات».
من جهته، أوضح وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار مدني، أنه «لم تكن هناك خلافات حول مضامين هذه القرارات، بما فيها القرار المتعلق بتعليق عضوية سوريا».
لكن إيران دانت أمس تعليق عضوية سوريا، معتبرة أنه قرار «جائر». وقال وزير الخارجية علي أكبر صالحي، من مكة، «كان يجب دعوة سوريا الى القمة كي تدافع عن نفسها».
وبحسب مصادر، فإن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لم يتطرق الى سوريا في خطاب استمر 55 دقيقة، ألقاه خلال جلسة مغلقة في القمة فجر أول من أمس، ركز فيه على قضية فلسطين وعلى الصهيونية.
بدوره، تجنب الملك السعودي عبد الله، الإشارة الى الأزمة السورية مباشرة في كلمته الافتتاحية، كما اقترح استضافة الرياض مركزاً خاصاً للحوار بين المذاهب الإسلامية، أي بشكل خاص بين السنّة والشيعة.
وكان الملك السعودي قد استقبل نجاد، وأجلسه على يساره قبل أن يصافح سائر زعماء دول المنظمة، فيما أجلس على يمينه أمير قطر حمد بن خليفة. ‌وحضر نجاد مأدبة السحور التي أقامها الملك السعودي فجر أمس.
وفي مطار مهرباد في طهران، قال الرئیس الإيراني إن بلاده أعلنت مواقفها بصورة جیّدة وشفافة في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الاستثنائي في مكة المكرمة، مؤكداً أهمية تنظيم العلاقات الإيرانية والسعودية في التأثير علی التطورات في العالم الإسلامي والمنطقة.
ولفت نجاد إلى أهمية إيران والسعودیة في المنطقة، وقال إن «العلاقات بین إيران والسعودیة علاقات خاصة شهدت تذبذبات علی مر السنوات الـ 33 الماضیة»، مؤكداً أن «تنظيم علاقات إيران والسعودیة مهم جداً ومؤثر علی التطورات في العالم الإسلامي والمنطقة، ونأمل حصول تطورات مهمة في مستقبل العلاقات بین البلدین».
وكان الرئيس الإيراني قد أكد خلال كلمته أمام القمة أنه «ليس من المنطق أن تقوم دول الاستكبار بتعليمنا درس الحرية والعدالة، ولا سيما أنهم منشأ الظلم والديكتاتورية»، مشدداً على أن «الحرية والديموقراطية لن تأتيا عبر التدخل الغربي وماسورات بنادق الحلف الأطلسي». وقال دبلوماسي إن لبنان «نأى بنفسه» كالعادة بالنسبة إلى موقف القمة من سوريا، من دون أن يعارض هذا الموقف، فيما طالبت الجزائر وكازاخستان وباكستان بتحميل الجيش السوري الحر أيضاً «المسؤولية عن العنف، شأنه شأن النظام». وذكر الدبلوماسي أيضاً أن الرئيس المصري محمد مرسي اقترح «تشكيل لجنة تضم سوريا والسعودية وإيران وتركيا» للعمل على حل الأزمة السورية.
في هذه الأثناء، رأت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، في بيان، أن «منظمة التعاون الإسلامي وجهت رسالة قوية إلى نظام الأسد بتعليق عضوية سوريا فيها».
بدوره، رحب المجلس الوطني السوري بقرار منظمة التعاون تجميد عضوية سوريا في المنظمة، مؤكداً «حاجة الشعب السوري الى مساعدة» المنظمة «للدفاع عن وجوده».
(أ ف ب، فارس، يو بي آي، رويترز)