صدر تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، ليخا ليندنشراوس، عن مقتل النشطاء الأتراك التسعة على يد سلاح البحرية الإسرائيلي على متن سفينة «مرمرة» عام 2010. وعلى الرغم من أن التقرير لا يتمتع بأي صفة قانونية مُلزمة، إلا أنّ له تأثيراً لا يُستهان به على الرأي العام، وتحديداً إزاء النظرة إلى أداء حكومة نتنياهو في مواجهة التحديات الاستراتيجية.
ورأى التقرير، الذي صدر في 158 صفحة، أن القرار الذي اتخذ في مواجهة «قافلة الحرية» إلى قطاع غزة، «جرى من دون أي نقاش منظّم للمجلس الوزاري المصغر أو منتدى الوزراء حول الموضوع»، بل إن أعضاء الحكومة «كانوا غير مدركين لهدف النقاش ولم يكن أمامهم الوقت الكافي للإعداد له». ولفت التقرير إلى أن أداء نتنياهو يتعارض مع «المعايير التي حددتها لجنة فينوغراد»، التي تشكلت للتحقيق في فشل العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006. ورأى التقرير أنه على الرغم من معرفة المستوى السياسي وقيادة الجيش باستثنائية القافلة، لم يعط نتنياهو توجيهاته بعمل متكامل يتصل بتحديد السياسة الملائمة لمواجهة القافلة، وبدلاً من ذلك، أجرى نقاشات شخصية مع وزير الدفاع إيهود باراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.
وكجزء من تحميل إضافي للمسؤولية لشخص نتنياهو، لفت التقرير إلى أنه في الأسابيع التي سبقت حادثة السفينة، اقترح باراك، مرتين، عقد جلسة نقاش كهذه، فضلاً عن أن نائب رئيس الوزراء موشيه يعلون تحدث معه أيضاً ثلاث مرات، وعلى الرغم من ذلك كان جواب نتنياهو «نعم، نعم ينبغي الإعداد..». لكن التقرير نقل عن يعلون اتهامه باراك بنسف كل محاولة نقاش، مدعياً أن «هذا من مسؤوليته وأنه مسؤول عن هذا الأمر».
وخلص التقرير إلى أنه بالرغم من العيوب التي انطوى عليها اتخاذ القرار، إلا أن ذلك «لا يعني أن النتائج كان يمكن أن تصبح مختلفة». ورأى التقرير أن النقاش لم يطرح للبحث على طاولة المجلس الوزاري المصغر، الذي يحمل صفة دستورية، بينما طُرح على طاولة منتدى «السباعية» الوزارية «التي لا تملك أي صفة دستورية»، كما أنه دعا إلى النقاش فيها بدون إنذار مبكر، وبعدما أبحرت القافلة التركية باتجاه غزة.
ولفت التقرير إلى أن «المشاركين في النقاش لم يكونوا على علم مسبق بأهداف النقاش ومضمونه»، كذلك فإن وزراء السباعية تلقوا تقريراً عاماً فقط تجاه القافلة، ولم يناقشوا مجمل المعاني التي تنطوي عليها العملية، ولم يقدموا بدائل مختلفة في مواجهة القافلة. واتخذ رئيس الحكومة قراره، إزاء القافلة، «استناداً إلى قاعدة النقاش الذي جرى في هذا المنتدى، وعلى قاعدة توصيات أعضائه».
في المقابل، تجاوز ردّ مكتب نتنياهو مضمون الانتقاد الموجه إلى أداء الحكومة في ما يتعلق بسفينة مرمرة، وبدا كما لو أنه يحاول القول إن هذا الأمر لا ينطبق على النقاشات التي تجريها حكومته إزاء القضايا الاستراتيجية، في إشارة إلى الموضوع الإيراني. وأكد أن «المباحثات الأمنية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية غير مسبوقة من حيث الحجم والعمق». ولمَّح مستشار الأمن القومي، اللواء احتياط يعقوب عميدرور، إلى القضية نفسها بالقول: «اليوم نحن نتعامل مع أكبر القضايا على الساحة الدولية. عملية صناعة القرار أصبحت أفضل بكثير جداً». أما وزارة الدفاع، فردت بالقول إن «وزير الدفاع، إيهود باراك، يقبل الانتقادات ويعمل من أجل أن تقوم المؤسسة الأمنية بالتعديلات المطلوبة».