نيويورك | تستنفر رئيسة مجلس الأمن الدولي سوزان رايس حالما تشاهد السفير الروسي فيتالي تشوركين خارجاً من الجلسة تاركاً نائبه مكانه، بعدما كان المجلس قد استمع في جلسة مغلقة لتقرير الأمين العام بان كي مون عن نشر المراقبين في سوريا. تغادر الجلسة على عجل وتلحق به مدركة أنه يخاطب وسائل الإعلام حول الموضوع السوري. لا ينبغي أن تغيب طويلاً عن تلك الساحة الدعائية.
ما أن يفرغ «الثعلب القطبي» تشوركين من حديثه ويعود إلى مقعده في قاعة المجلس، حتى تكون هي على المنبر الإعلامي تختار من المراسلين من يساير خطها وتسهب في الإجابات. وهي التي عرف عنها طويلاً جفاؤها لوسائل الإعلام. تتخلى سريعاً عن صفتها كرئيسة مجلس الأمن الدولي لتتحدث بصفتها مندوبة الولايات المتحدة.
في الصف الثاني، تستمر المجموعة الخليجية العربية في مقاطعة البعثة السورية والعمل على استصدار بيانات وقرارات ضد إيران وسوريا مستفيدة من غياب المندوب السوري بشار الجعفري عن الاجتماعات. السعوديون، الذين ضايقهم الجعفري كثيراً، ولا سيما في الجمعية العامة وفي مؤتمره الصحافي بعدما مُنع من مخاطبة الجمعية علناً، يسعون مع القطريين بشتى الوسائل إلى نزع الشرعية الدولية عن الحكومة السورية ولو بالقطارة.
سعت السعودية عبر وفدها في نيويورك منذ التاسع من نيسان الجاري إلى جعل برهان غليون، رئيس «المجلس الوطني السوري» يحضر اجتماع مكتب حركة عدم الانحياز الوزاري الذي ينعقد الشهر المقبل في شرم الشيخ (7 و10 أيار المقبل) بحجة أنه قدم طلب الحضور.
وأول من أمس، وزع مندوب مصر، ماجد عبد الفتاح، بصفته رئيس مكتب حركة عدم الانحياز الحالي لدى الأمم المتحدة، رسالة سعودية يطلب فيها مشاركة غليون في الاجتماع. الطلب حرك رداً سورياً سريعاً عليه، حيث دعا الجعفري إلى اجتماع حضره ثلاثون من مندوبي دول كتلة عدم الانحياز في مقر البعثة السورية نقل خلاله تحفظات حكومة بلاده على هذه الانتهاكات الفاضحة لميثاق الكتلة. وقال الجعفري للوفد إن «رئيس المجلس الوطني السوري لا يمثل سوى نفسه والدول التي تدعمه ضد الحكومة السورية التي تعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري».
وأعربت البعثة السورية عن أسفها لاستغلال اجتماع حركة عدم الانحياز الوزاري من أجل تقويض الأسس التي قامت عليها حركة عدم الانحياز. خطوة من شأنها «تعريض تضامن هذه الكتلة السياسية العملاقة ووحدتها للخطر». وقال الجعفري، في خطاب وجهه للمندوب المصري، «إن مثل هذه الخطوة الاستفزازية التي قامت بها البعثة السعودية تشكل سابقة، تنتهك حرفياً المفهوم الجوهري لمبادئ وحدة وتضامن حركة عدم الانحياز».
وصعدت سوريا من هجومها الدبلوماسي المضاد رافعة سقف المواجهة إلى مقام «الآغا القطري»، حيث تولى الجعفري اتهام أمير قطر حمد بن جاسم آل خليفة شخصياً بالعمل على إفشال خطة كوفي أنان. وكتب الجعفري إلى كل من الأمين العام بان كي مون ورئيسة مجلس الأمن الدولي سوزان رايس رسالة يتهم فيها الأمير القطري بدعم الإرهاب، وجاء فيها، «إن أمير قطر أطلق حكمه المسبق على مهمة المراقبين الذين وصلت الدفعة الأولى منهم إلى سوريا قبل يوم من تصريحاته تلك في العاصمة الإيطالية روما، مضيفاً «إن فرص نجاح خطة السيد أنان لا تتعدى ثلاثة بالمئة» و«الشعب السوري لا يلزمه دعم بالسبل السلمية بل بالأسلحة».
واعتبر مندوب سوريا أن استمرار إطلاق مسؤولي قطر لتصريحات سلبية عن خطة المبعوث العربي والدولي، كوفي أنان، لم يؤثر عليها صدور قرار مجلس الأمن الدولي 2042، حيث استمر المسؤولون القطريون في إطلاق ما وصفها بأنها «تصريحات تخريبية وتشكيكية، سواء قبل صدور القرار، وآخرها خلال مشاركتهم (القطريين) في الاجتماع الذي عقد في اسطنبول، وبعد صدوره في نيويورك».
وذكّر الجعفري بأن قطر هي التي بادرت مع دول خليجية أخرى إلى إنهاء مهمة المراقبين العرب. وأن الذين يتنبأون بفشل خطة السيد كوفي أنان «يعملون ما بوسعهم من أجل تحقيق هذا التنبؤ المشؤوم من خلال تهريب السلاح إلى الجماعات المسلحة وشن هجمات إرهابية على المواطنين الآمنين وقوات حفظ النظام، وضد المنشآت الحكومية
والمدنية».
واستنكرت سوريا بشدة «سياسات قطر المتناقضة مع قرارات مجلس الأمن الدولي»، ودعت المجلس إلى الاضطلاع بدوره من أجل «وقف دعم الإرهاب من قبل القيادة القطرية والذي من شأنه تقويض مهمة أنان وقرار مجلس الأمن».