عادت أعمال العنف لتضرب العراق من جديد، اذ شهدت البلاد سلسلة هجمات منسقة حصدت 38 شخصاً على الأقل، بينهم عناصر في الشرطة والجيش، وأصابت أكثر من 170 بجروح، أمس، استهدفت بغداد ومحافظات سامراء، بعقوبة، بيجي، الرمادي، الموصل، وكركوك. وأوضحت مصادر أمنية أن التفجيرات، وهي الاعنف منذ مقتل 50 شخصاً في آذار الماضي، استهدفت أكثر من 18 موقعاً في سبع محافظات، في نحو 40 هجوماً، بينها 14 سيارة مفخخة و19 عبوة ناسفة، وثلاث هجمات انتحارية. وكشف مصدر في وزارة الداخلية أن أحد الانفجارات استهدف موكب وزير الصحة مجيد حمد امين، دون أن يصاب بأي أذى. ورأى بيان وزارة الداخلية العراقية أن العصابات الإرهابية أقدمت على تفجير الوضع بهدف التواصل مع داعميها الاقليميين للحصول على إمدادات ماليّة. ووصف الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد، العقيد ضياء الوكيل، في تصريح للصحافيين التفجيرات بأنها رسائل إعلامية، ومحاولات يائسة وفاشلة من قبل تنظيم القاعدة لإرباك الوضع الأمني في البلاد وتشويش الصورة أمام الرأي العام. وشدد على أن «انفجارات أمس لن تثني القوات الأمنية عن مواصلة تنفيذ خططها الأمنية، وأنها لا تؤثر على الوضع الأمني في بغداد».
وعمدت المعارضة العراقيّة الى تحميل الحكومة ورئيسها نوري المالكية مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية التي سمحت باستهداف البلاد. وطالب رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، قادة الأجهزة الأمنية في بغداد والمحافظات بتحمل مسؤولياتهم إزاء التفجيرات المتكررة التي تضرب المدن العراقية. ودعا النجيفي، وهو احد قياديي القائمة العراقية المعارضة، العراقيين كافة إلى «التهدئة وتوحيد الصفوف وتفويت الفرص على المسلحين وإحباط محاولاتهم في شق الصف الوطني والإخلال بالنسيج الاجتماعي للبلد».
ورأت الناطقة الرسمية باسم القائمة العراقية، ميسون الدملوجي، أن «استمرار تنفيذ التفجيرات الدامية بالرغم من الادعاء باتخاذ إجراءات أمنية مشددة، إنما يعكس ضعف الخطط الأمنية والحاجة الملحة إلى إعادة النظر فيها ووضع الإستراتيجيات اللازمة لحفظ الأرواح وحقن الدماء». وأضافت أن «الانهيارات الأمنية المتواصلة هي نتيجة حتمية لإخفاق المسؤولين في الإشراف على الملف الأمني». ودعت إلى «وحدة الصف وتحقيق المصالحة الوطنية الناجزة، والالتزام بالشراكة في الملفات والمسؤوليات الأمنية التي نص عليها اتفاق أربيل وتم بموجبها تشكيل حكومة الشراكة الوطنية».
بدوره، حمل الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق حارث الضاري بعنف على رئيس الحكومة نوري المالكي ووصفه بالاستبدادي والمغرور، واتهمه بالسعي إلى إنشاء دولة الحزب الواحد والشخص الواحد والمذهب الواحد كما هو «حاصل في إيران».
وقال الضاري، في مقابلة صحافية، إن «العراق يسير نحو المجهول المخيف»، داعياً الشعب العراقي إلى «القيام بثورة شعبية سلمية» إذا أمكن «على الحكومة العراقية برئاسة المالكي».
دولياً، أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، مارتن كوبلر، الهجمات، معرباً عن قلقه من استمرار أعمال العنف في البلاد. وطالب كوبلر بوضع حد للجرائم البشعة التي ترتكب ضد الشعب العراقي، وأكد على ضرورة أن يعمل جميع العراقيين يداً بيد لإنهاء تلك الجرائم التي تهدف إلى عرقلة نجاح العراق كدولة ديموقراطية تتمتع بالاستقرار والازدهار.
من جهتها، دانت وزارة الخارجية الفرنسية التفجيرات وعبّرت عن تعازيها للشعب العراقي وعائلات الضحايا، وأعربت عن تضامنها مع السلطات العراقية في معركتها ضد «الإرهاب».
(يو بي آي، ريترز، أ ف ب)