إسطنبول | كشفت صحيفة «صباح» التركية، المقربة جداً من حكومة رجب طيب أردوغان، في مقالها الرئيسي، أمس أن أنقرة تفضّل إقامة «ممر إنساني» إلى سوريا من البحر المتوسط، لأنها غير متحمسة لفكرة فتح حدودها لتكون بمثابة هذا «الممر الانساني» بسبب المخاطر التي يكتنفها مثل هذا الخيار. وشددت الصحيفة، في إطار تبريرها لرفض تركيا تحويل حدودها مع سوريا إلى «ممر انساني»، على أنّ خطوة مماثلة تحتاج إلى موافقة سوريا، «وهو ما لن يحصل»، لتخلص إلى أنّه «بجانب خيار الممر الانساني، فإنّ التدخل العسكري الأجنبي بات مطروحاً على جدول الأعمال».
ونقلت الصحيفة عن مصادرها تأكيدها أن أنقرة ترفض بنحو قاطع إقامة «ممر انساني» برّي بسبب المخاطر الأمنية التي تكتنفه، إضافة إلى أن «الممر الانساني البري» بحاجة لموافقة البرلمان التركي، وهو ما لا ينطبق على «الممر البحري». وبحسب «صباح» دائماً، فإنّ وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو ناقش فكرة الوصول بحراً إلى سوريا مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون خلال زيارته الطويلة نسبياً إلى واشنطن. وفور عودة داوود أوغلو إلى بلاده، أبلغ صحافيين عن أمله بأن تزول العوائق التي لا تزال تعرقل تطبيق خيار «الممر الانساني» إلى سوريا، من دون أن يوضح نوع هذا «الممر» ولا طبيعة هذه «العوائق». لكن، وفق مصادر الصحيفة التركية ذات الاتجاه الاسلامي المقرب من حكومة «العدالة والتنمية»، فإنّ السلطات التركية ترى أن الحل الأمثل يكمن في فتح «الممر الانساني البحري» إلى سوريا انطلاقاً من القاعدة العسكرية البريطانية في قبرص.
وفي السياق، جزمت الصحيفة بأن أنقرة وحلفاءها الغربيين لا يزالون حتى الساعة يفضلون تأطير فكرة «الممر الانساني» في خانة الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، وهو الذي ينظّم أشكال التدخل الأجنبي لأهداف إنسانية رغم استمرار وجود عقبة الفيتو الروسي والصيني. لهذه الأسباب، فإنّ وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أصرّ أخيراً على أنّ «الممر الانساني» إلى سوريا تجب مناقشته في إطار مجلس الأمن الدولي، مع تعهّده بمحاولة إقناع الطرف الروسي بالتعاون في هذا الشأن. وعن هذا الموضوع، أشارت الصحيفة المذكورة إلى أن أنقرة لا تزال مقتنعة بأنّ دور الأمم المتحدة حاسم في الأزمة السورية، «لذلك فهي تنوي أن تكون، في مؤتمر أصدقاء سوريا (الذي ينعقد في 24 من الشهر الجاري)، عرّابة فكرة الممر الانساني البحري» انطلاقاً من القاعدة البريطانية في جزيرة قبرص.
كلام لمّح إليه داوود أوغلو، أمس، عندما قال إنه يتوقع «رسالة قوية للنظام السوري من مؤتمر مجموعة أصدقاء سوريا»، بموازاة دعوته الأمم المتحدة «للتدخل لتوفير المساعدة الإنسانية» في سوريا. ونقلت وسائل إعلام عن داوود أوغلو قوله، أثناء لقاء عضو مجلس رئاسة البوسنة والهرسك، بكر عزت بيكوفيتش، في أنقرة، أنه يتوقع «رسالة قوية للنظام السوري في الاجتماع وهي رسالة تضامن مع الشعب السوري وتحذير للنظام السوري». وتابع أنه «ليس على الأمم المتحدة أن تتطرق للمسألة السياسية في سوريا فحسب، بل عليها أيضاً أن تتدخل لتوفير المساعدة الإنسانية». وشرح داوود أوغلو أن مسألة تقديم مساعدات إنسانية ستبقى على أجندة الأمم المتحدة، ولفت إلى أن سلطات بلاده «اتخذت المبادرات الضرورية مع مكتب الأمم المتحدة في جنيف وستتابع المسألة عن كثب».
وكانت تقارير إعلامية تركية قد نقلت عن مصدر في وزارة الخارجية أن تركيا تنوي خلال مؤتمر تونس، «طرح خطة جديدة لتسوية الأزمة السورية تتضمن إنشاء ممرات إنسانية وتشديد الضغط الدبلوماسي على دمشق وتنظيم المعارضة». وعلى حدّ المعلومات الأمنية لـ«صباح»، فإنّ عدد المنشقين عن الجيش السوري النظامي وصل إلى 40 ألفاً، وأنه «في حال اقتنعت روسيا بضرورة التخلي عن النظام، فلن يطول الأمر قبل سقوط الرئيس بشار الأسد، لذلك فعلى المجتمع الدولي زيادة الضغوط على موسكو انطلاقاً من ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين»، وفق الصحيفة.

لقد تم تعديل هذا النص عن نسخته الاصلية بتاريخ 17-02-2012