الجميع مِمّنْ يهمّه الأمر طبعاً يترقّب الأوضاع في مخيّم عين الحلوة يومياً وعلى مدار الساعة. صوت رصاص من هنا، اشتباكات من هناك، ملثّمون ومسلحون في شارع السوق، المشهد يشبه مشاهد الأفلام الأميركية المفبركة التي نراها على شاشة التلفزيون. تسأل الأصدقاء هناك في المخيم، من هؤلاء الذين يسيرون في الطرقات مسلحين دونما خوف أو اكتراث؟ يجيبونك بأنه لا أحد يعرفهم على الإطلاق! «كيف إجوا يعني، فرّخوا من الهوا مثلاً؟»، أسأل نفسي، تُقاطع أفكاري نشرة الأخبار المسائية. طفل على شاشة «الأو تي في» يحكي كيف أصيب، يسأله المراسل «من أصابك؟»، الطفل لا يجيب! زعيم مرموق في فصيل فلسطيني مرموق بدوره، يهدد «بتطهير» المخيم، ويحكي عن وجود مطلوبين للجيش اللبناني داخله، يا حبيبي عليك، «هيه ناقصيتك أنتَ كمان؟!»نُراقب الوضع في عين الحلوة، نطمئنّ على الأصدقاء هناك: لا مدارس ولا مؤسسات فتحت أبوابها على مدار أسبوعٍ كامل، الوضع زفت! بعض المحال التجارية تُعدّ على أصابع اليد، هي فقط فتحت أبوابها. ربما كي تبقى الحركة في شارع السوق شبه طبيعية. ونحن؟ ننتظر فقط. الوضع يفلت أمنياً والمنطق يفلت من خلايا أدمغتنا، ماذا ننتظر؟ بعض الناس في المخيمات الأخرى بدأوا يهيّئون أنفسهم لحرب أخرى، لنهر بارد جديد، لنازحين جُدد ... بعض الجمعيات بدأت تهيّئ نفسها مجدداً لحملات إغاثة، لإعادة إعمار ما سيدمر بالضرورة، هل الأمر بهذا السوء؟ لست أدري. وإن أردت أن تأخذ موقفاً؟ سيأخذ منك الناس مواقف أسوأ، بغض النظر عن موقفك. فاسكت، وراقب، واستعد لكل الاحتمالات! دع الأمور تفلت من أصابع اليد، شاهد نشرات الأخبار واقرأ عن الوضع في صفحات الجريدة، اسمع القصص من أفواه الناشطين، «تعلّم كيف بيصير الشغل يا شاطر». يُحكى أنه في حملة إغاثة مخيم نهر البارد، التي شاركت فيها معظم المؤسسات الفلسطينية واللبنانية، أن الأمر تحوّل من إغاثة وإعانة إلى سرقة ونهب. «ما بحط بذمتي، بس الكلام يُقال» والله أعلم!. يُحكى عن ذاك الشخص الذي تحولت عملية إغاثة المخيم إلى عملية لإغاثته هو شخصياً، وذاك الذي سرق ملفات المؤسسات كلها وافتتح مؤسسة خاصة به، وذاك الذي نهب أموال المعونات ولجأ إلى بلاد أخرى، ولا يعرف عنه الآن أحد شيئاً! الله أعلم، ولكن اعلم أنك إذا ما شاركت في حملات كهذه فأصابع الاتهام ستصوّب نحوك. دع الأمور لأصحابها واجلس في المنزل وشاهد الأخبار، أما إذا دبّت فيك الحميّة؟ فانزل على شي تظاهرة وندّد!
عين الحلوة ستنهض، لن تكون نهر بارد جديداً، على الأقل دعنا نأمل ذلك، ففي النهاية لن يصحّ إلا الصحيح!