الجزائر | قريباً سيصبح التواصل برّاً بين الجزائر والمغرب ممكناً، بما أنه يرتقب إعادة فتح الحدود في الربيع المقبل. وقد أدى إغلاقها عام 1994 إلى حجب التنقل عن مليوني جزائري كانوا يدخلون المغرب سنوياً للسياحة والتبضُّع. وقد حُرم المغرب مما يقارب ملياري دولار كان يحصّلها في مقابل خدمات وسلع لهؤلاء الزوار. وعلمت «الأخبار» أن القرار بشأن إعادة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب قد اتُّخذ بالفعل، ولم يبقَ غير تنفيذه في غضون أسابيع. وتوقّع نواب في البرلمان الجزائري إغلاق هذا الملف نهائياً قبل منتصف العام الجاري. وأفادت تقارير صحافية جزائرية بأنّ الاستعدادات الميدانية لإعادة فتح الحدود جارية منذ أيام، وبدأت حتى قبل زيارة وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني إلى الجزائر منتصف الأسبوع الماضي. وجاء في التقارير أن «المديرية العامة للأمن الوطني» شرعت في إعداد الترتيبات التقنية لفتح المعابر بين البلدين قبل شهر أيار المقبل. وقالت عدة مصادر إن الحدود ستفتح قبل الانتخابات التشريعية الجزائرية المقبلة. وفيما أعلنت الجزائر، على لسان الوزير المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية، عبد القادر مساهل، أنّ موضوع الحدود لم يناقش خلال هذه الزيارة، أشارت تقارير مغربية إلى أنّ العثماني ناقش فتح الحدود وقضية الصحراء الغربية في جلسة مغلقة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم الثلاثاء الماضي، لكن لم ترشح أي تفاصيل عن نتيجة ذلك اللقاء. ولفتت التقارير إلى أن ثمة مواضيع تحتاج إلى متابعة حثيثة، ومنها إعادة فتح الحدود. وتعمل لجان مشتركة منذ شهور لتطبيع العلاقات بين البلدين الجارين، وتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، وقد تناوبت العاصمتان على احتضان اجتماعات الخبراء والمسؤولين لتحديد معالم التكامل المنتظر في بعض قطاعات الاقتصاد والخدمات والشؤون الثقافية والرياضية. غير أنّ نتائج عمل هذه اللجان ظلّت شحيحة بالنظر لثقل الخلافات القائمة بين الجانبين تاريخياً. وأولت «حركة مجتمع السلم» (حزب إسلامي موالٍ مقرب من الرئيس بوتفليقة) مسألة الحدود مع المغرب أهمية كبيرة في برنامجها الانتخابي، ووعد رئيسها أبو جرة سلطاني بفتح الحدود «بمجرد وصول الاسلاميين للحكم (في الجزائر)». وسبق أن ناقش سلطاني هذا الموضوع في الرباط قبل أسابيع، مع مسؤولي حزب «العدالة والتنمية» الذي يقود الحكومة المغربية الحالية. وتُعَدّ هذه أول مرة تُقحَم فيها العلاقات الإشكالية الجزائرية ـ المغربية في البرامج الانتخابية في الجزائر كما في المغرب. وكانت معظم القوى السياسية الجزائرية والمغربية تسير خلف القرارات الرسمية لقيادتي البلدين بالنظر لحساسية الموقف. لكن هذا العام شهد تحولاً هاماً، بسبب إفرازات «الربيع العربي» على المنطقة، ما أدى إلى تحرر المواقف السياسية من مكبوتاتها. هكذا، جعل «العدالة والتنمية» المغربي من تطوير العلاقات مع الجزائر أحد أهم محاوره في برنامجه الانتخابي، ونحت «حركة مجتمع السلم» الجزائرية المنحى ذاته. والحزبان هما في الواقع من فصيل فكري واحد، إذ يعتبران أشبه بفرعين لجماعة «الإخوان المسلمين». ولعل هذا «الضغط الاسلامي» كان وراء إسراع الحكومة الجزائرية في إنهاء مشكلة الحدود قبل الانتخابات المقبلة التي يمكن أن تفرز غالبية اسلامية أو تحالفاً معارضاً للسلطة للمرة الأولى في التاريخ المعاصر للجزائر.
ويعود إغلاق الحدود بين أكبر بلدين في اتحاد المغرب العربي، إلى العام 1994، حين قررت السلطات المغربية فجأة فرض تأشيرة الدخول على الرعايا الجزائريين الراغبين في زيارة المغرب، وذلك على أثر انفجار إرهابي وقع في مراكش، واتهم المغرب الاستخبارات الجزائرية بتدبيره. وجاء الرد من قبل الرئيس الجزائري السابق، اليمين زروال، بإغلاق الحدود البرية إلى أجل غير محدَّد. وبعد عشر سنوات من الحادث، أسقط الملك محمد السادس شرط التأشيرة عن الجزائريين، وأعلن عن رغبة بلاده في إعادة فتح الحدود. لكن الجزائر اكتفت بإسقاط التأشيرة عن المغاربة، وأبقت الحدود مغلقة. وقد ربطت السلطات الجزائرية إعادة فتح الحدود بحزمة من الشروط السياسية والأمنية، بينها منع تسرب المخدرات إلى الجزائر، والتقدم في حل نزاع الصحراء الغربية، ورفع مستويات التنسيق الأمني على الحدود في إطار «الحرب على الارهاب».