واضح أن الولايات المتحدة منزعجة جداً من إعلان الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية» معتبرةً أن القاهرة تذهب إلى «مدى بعيد جداً في حملتها الحالية على الإخوان» كما صرح أحد مسؤوليها. لكن واشنطن رغم ذلك لا تخطط لاتخاذ أي إجراء ضد مصر قد يعيد تعكير الأجواء مع الحليفة القوية.وعبّر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في اتصال هاتفي مع نظيره المصري نبيل فهمي، عن قلقه إزاء القرار الصادر في 25 الجاري من جانب الحكومة الانتقالية المصرية باعتبار «الإخوان» تنظيماً إرهابياً ومن حملات الاعتقال والتوقيف الأخيرة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جنيفر بساكي، في بيان، إن كيري دان في الاتصال الهاتفي الهجوم الانتحاري الذي وقع الثلاثاء الماضي في المنصورة والتفجير الذي استهدف حافلة في القاهرة أول من أمس. لكنه شدد على «الحاجة الملحة لعملية سياسية شاملة لكل الأطراف السياسية تحترم حقوق الإنسان الأساسية لكل المصريين من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والتغيير الديموقراطي»، مؤكداً على «ضرورة مراجعة الأحكام الصادرة ضد ناشطين في منظمات غير حكومية».
عربياً، استمر الجدل حول القرار المصري الأخير بحق الإخوان، لكن أبرز المواقف التي خرجت كانت لوزير التنمية السياسية الأردني خالد الكلالدة الذي أعلن أن حكومة بلاده لن تحظر جماعة الإخوان المسلمين طالما التزمت بالقانون، مؤكداً أن الأردن ليس معنياً بما يحدث مع الإخوان في مصر، وأنه «لا يجوز لنا التدخل في هذا الأمر». وأوضح أن «الإخوان تنظيم عالمي ولكن ليس هناك اتصال بالشكل العلني بين إخوان الأردن ومصر ولا علاقة في ما بينهم».
بدوره، رأى المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بشير الكبتي أن «قرار الحكومة المصرية إعلان الإخوان جماعة إرهابية هو خطوة إقصائية ستجلب عدم الاستقرار لمصر لسنوات طويلة». وأوضح أن «ذلك سيزيد من الاحتقان والغرض منه إقصاء واستبعاد الإخوان من المشاركة في العملية السياسية بالبلاد».
لكن قلق وإدانة بعض الدول والقوى الخارجية، وترحيب وتأييد بعضها الآخر لم يزحزح طرفي الصراع في مصر عن موقفهما، إذ وفت جماعة الإخوان المسلمين بوعدها الاستمرار في التظاهر بل وتصعيده في ما سمته «جمعة الغضب» في مقابل إصرار السلطات على مواجهة تظاهرات الجماعة بحزمٍ أكبر واعتقال العشرات، بعد أن كانت هددت الداعين إلى التظاهر منهم بعقوبات قاسية تصل حد الإعدام.
وفي أول تحدٍ مباشر بعد إعلانها «جماعة إرهابية»، تظاهر المئات من جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها في عدة محافظات مصرية، حيث وقعت اشتباكات مع قوات الأمن التي حاولت تفريق التظاهرات بالغاز المسيل للدموع والخرطوش، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات.
وقالت وزارة الداخلية المصرية إن «المواجهات الأمنية التي شهدتها بعض محافظات الجمهورية أسفرت عن مقتل 3 مواطنين خلال اشتباكاتهم مع الأهالي في محافظات القاهرة ودمياط والمنيا»، موضحةً أنه «تم ضبط بعض العناصر الإخوانية، ليصبح عدد المقبوض عليهم 265».
وأضافت الوزارة أن «عضو حركة تمرد في مدينة الفيوم رائد أحمد عابدين أصيب بطلق ناري بالفخذ اليمنى واتهم الإخواني، معتز محمد ربيع النزلاوي، بإحداث إصابته». وتابعت «أُصيب خلال تلك المواجهات عدد من ضباط وقوات الشرطة بطلقات نارية وخرطوش وجروح قطعية، من بينهم نائب مدير أمن المنيا، وكذا إضرام النيران في 3 سيارات شرطة تصادف مرورها بمناطق المسيرات».
وكانت قوات الأمن قد أعلنت القبض على 147 متظاهراً مؤيداً لجماعة الإخوان المسلمين بينهم 28 سيدة في 8 محافظات مصرية، مشيرةً إلى أنه جاري حالياً اتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم في إطار قرار مجلس الوزراء اعتبار جماعة الإخوان «جماعة إرهابية».
من جهة أخرى، وصل نائب وزير الخارجية المصري حمدي لوزا، إلى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، أمس، على متن طائرة عسكرية مصرية تحمل مساعدات إنسانية.
وقال لوزا، للصحفيين عقب وصوله مطار جوبا، إن الزيارة تهدف إلى إرسال رسالة تضامنية لجنوب السودان، لمساعدته في الخروج من الأزمة الراهنة.
وتابع أن بلاده لا يمكن ان تقف بعيدا عن التطورات الجارية بجنوب السودان، مضيفاً أن القاهرة على استعداد لتقريب وجهات النظر بين الاشقاء في الجنوب، إلى جانب دعم كافة الجهود الاقليمية التي تستهدف وضع حد للازمة واحتواءها وعدم السماح بتفاقمها.
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)