رفض المرشح المتوافق عليه بين القوى السياسية لتولي منصب رئاسة الحكومة التونسية، مصطفى الفيلالي، أمس، خلافة علي العريض بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، في حين افتتح المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان المؤقت)، أولى الجلسات العامّة لمناقشة مشروع قانون العدالة الانتقالية، الذي يثير منذ أكثر من عام جدلاً واسعاً في المشهد السياسي في البلاد. وشارك «النوّاب المنسحبون» في جلسة النقاش، لـ«أهميّة القانون بالنسبة إلى التونسيين المتضررين من حقبات الاستبداد السابقة»، حسب تصريحات عدد منهم.
كما شارك وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، سمير ديلو، في الجلسة الافتتاحية المخصصة للنقاش العام حول مشروع القانون، فيما شهدت الجلسة حضور عدد واسع من الحقوقيين، ونشطاء المجتمع المدني المساهمين في إنجاز مشروع القانون.
من جهتها، اعتبرت النائبة الأولى لرئيس المجلس التأسيسي، محرزية العبيدي، في تصريح لوكالة «الأناضول»، أن المصادقة على مشروع قانون العدالة الانتقالية ستُعدّ تحقيقاً لأهمّ أهداف الثورة التونسية، كون «القانون سيحقّق المصالحة بين التونسيين ويكشف الحقيقة ويضمن التعويض المعنوي والمادّي للمتضرّرين من حقبة الديكتاتورية في ظلّ الأنظمة السابقة».
ورجّحت العبيدي الانتهاء من المصادقة على مشروع القانون، غداً الأحد، على أقصى تقدير، ولا سيّما «في ظلّ توافق عام حول فصول القانون بين النواب من مختلف التوجّهات».
ولفتت إلى أن القانون حال إقراره سينبثق عنه إنشاء هيئات وطنية تُعنى بتعويض المتضررين من الأنظمة السابقة، ما «يساهم في تحقيق مسار العدالة الانتقالية في تونس».
من جهته، قال عضو المجلس التأسيسي، المنجوي الرحوي، عن «ائتلاف الجبهة الشعبية» المعارض، إن مشروع القانون يحظى بتوافق عريض بين مختلف الكتل النيابية، باستثناء بعض التعديلات التي ستقترحها المعارضة أثناء النقاش، من دون الكشف عنها.
وانتقد الوزير ديلو، قبل انطلاق الجلسة، «التأخّر» الحاصل في المصادقة على مشروع القانون، مشيراً إلى أنه كان من الأفضل المصادقة عليه خلال الثلث الأول من هذا العام.
وسلّم ديلو وممثلون عن اللجنة الفنية المشرفة على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية، في 23 كانون الثاني من العام الجاري مشروع القانون إلى رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر.
وأوضحت وزارة حقوق الإنسان، في بيانات سابقة لها، أن مشروع القانون «قامت بصياغته اللجنة الفنية المشرفة على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية والتي تضم أهم منظمات وجمعيات المجتمع المدني، بمساعدة من جمعيات أممية ودولية ناشطة في مجال تجارب العدالة الانتقالية والدفاع عن حقوق الإنسان».
على صعيد آخر، طالبت الكتلة النيابية لحركة وفاء (معارضة) بإدراج «قانون تحصين الثورة (عزل رموز النظام السابق من العمل السياسي) ضمن مشروع قانون العدالة الانتقالية». ويخشى المراقبون أن يساهم هذا الطلب، الذي يلقى معارضة صريحة من نواب المعارضة، في تعطيل عملية المصادقة على مشروع القانون.
ويقول متابعون للشأن التونسي إن القانون حال إقراره سيساهم في الكشف عن أسماء المتورطين من الأنظمة السابقة في منظومة الفساد والمسؤولين عن جرائم التعذيب وقتل عدد من المعارضين السياسيين من مختلف الشرائح الفكرية والنقابيين.
في سياق آخر وبعد اعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن اتفاق القوى السياسية الرئيسية في البلاد على اسم من سيتولى رئاسة الحكومة التونسية العتيدة، عبّر الشخص الذي اختير لهذه المهمة عن تعذّر قبوله للمنصب الجديد بسبب تقدّمه في السنّ (92 عاماً)، بالإضافة إلى «البيئة السياسية والاجتماعية المتوترة في البلاد». وفي تصريحات لـ«الأناضول»، قال رئيس مجلس شورى حركة النهضة، فتحي العيادي، إنّ مصطفى الفيلالي مثّل محلّ توافق واسع بين مختلف الفرقاء السياسيين في مجلس الحوار الوطني.
وعبّر عن أسفه لرفض الفيلالي مهمة تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، تخلف حكومة العريض الحالية، مشيراً إلى أن مجلس الحوار الوطني من المنتظر أن ينظر في أسماء أخرى مرشّحة لرئاسة الحكومة إذا ما تشبّث الفيلالي بموقفه الرافض لتولي المهمّة.
كما أوضح أن «النهضة» ما زالت تعتبر أحمد المستيري (87 عاماً)، أفضل المرشحين لتولّي المنصب الجديد في حال إصرار الفيلالي على موقفه.
ومن المقرّر أن تنتهي المهلة التي منحها الرباعي الراعي للحوار الوطني للقوى السياسية للتوافق على اسم المرشّح لرئاسة حكومة الكفاءات المستقلّة ظهر اليوم السبت.
والفيلالي من مواليد 1921 وهو سياسي ونقابي عمل مع نظام الحبيب بورقيبة كأول وزير للزراعة سنة 1956 وتولى عدداً من المناصب الأخرى خلال حياته العملية.
(الأناضول)