القاهرة | أسدلت لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري أمس الستار على المسودة النهائية للدستور الجديد، بعدما توافق أعضاؤها على وضع تفسير لمبادئ الشريعة الإسلامية في مقدمة الدستور، وفقاً لأحكام المحكمة الدستورية، والنص على مدنية الحكم بدلاً من مدنية الدولة، على أن يبدأ التصويت النهائي على الدستور والمعلن غداً السبت أمام الجميع. وكانت اللجنة انتهت أمس من مقدمة الدستور البالغ عدد مواده 244 مادة منهم 42 مادة مستحدثة، التي تعد احدى المسائل شديدة الخلاف، وعقد لأجلها مزيداً من الاجتماعات استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس، والتي حظيت بموافقة جميع الأعضاء. ممثل حزب النور، صلاح عبد المعبود، أكد في تصريحات صحافية أمس أن الحزب متحفظ على ما جاء في المقدمة من نص على «حكم مدني»، وتفسير كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية وفق أحكام المحكمة الدستورية.
وتضمنت المقدمة التي حصلت عليها «الأخبار» مصطلح «إن الحكم مدني»، ونص المحكمة الدستوري لتفسير مبادئ الشريعة الاسلامية باعتبارها «المصدر الرئيسي للتشريع».
ممثل الكنيسة الأنبا بولا كشف في تصريح لـ«الأخبار» أنه تمت إضافة «حكم مدني» بناء على طلب مفتي الأزهر الدكتور شوقي علام. وأوضح الأنبا بولا أنه تم تعديل بعض مقترحات المقدمة والتي أخذت في الاعتبار، ومنها أن مصر عرفت التوحيد قبل نزول الاديان السماوية.
وحسمت اللجنة في جلستها أمس والتي استغرقت قرابة العشر ساعات جميع المواد الخلافية تمهيداً للتصويت النهائي على مواد الدستور غداً، بعدما سحب رئيس حزب الوفد، السيد البدوي، مقترحه بشأن الإبقاء على الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الشورى)، بسبب عدم وجود توافق من الاعضاء عليه.
وكانت الجلسة المغلقة مساء أمس، شهدت مناظرة بين نقيب الصحافيين، ضياء رشوان، وممثل حركة تمرد، محمود بدر، في مواجهة السيد البدوي، وطلعت عبد القوي، بعد محاولتهم إعادة المداولة حول بقاء مجلس الشورى.
وأفادت مصادر لـ «الأخبار» أن اللجنة حسمت أيضاً إلغاء نسبة الـ50% فلاحين وعمالاً في المجالس النيابية، والتي كانت منصوصاً عليها في الدساتير السابقة، واستقرت على إلغاء التمثيل الإيجابي أو ما يسمى «الكوتة» في البرلمان للفئات المهمشة مثل المرأة والشباب والأقباط، على أن يتم تمثيلهم في مجالس المحليات المنتخبة.
وكان ممثل النقابات العمالية المستقلة في اللجنة، أحمد خيري اعترض في حديث لـ«الأخبار» على بقاء الفقرة الثانية من المادة 11 من الدستور الخاصة بالمرأة التي تنص على ضمان تمثيل مناسب للمرأة في المجالس النيابية والمحلية، واعتبرها تمييزاً ضد المرأة، مطالباً بحذف الفقرة وعدم النص على أي تميز أو وضع نص مماثل لمحدودي ومتوسطي الدخل، بدلاً من العمال والفلاحين.
وفي ما يتعلق بمادة حق ممارسة الشعائر الدينية، كشف مستشار شيخ الأزهر المستشار محمد عبد السلام لـ«الأخبار» أن اللجنة انتهت إلى قصر إقامة دور العبادة لأصحاب الديانات السماوية، وذلك بعد رفض ممثلو الأزهر مقترح إطلاق حرية ممارسة الشعائر الدينية لغير أصحاب الديانات السماوية الثلاث، وحسم تصويت الأعضاء لصالح المادة المقترحة من الأزهر، بواقع 30 صوتاً من إجمالي 40 عضواً أصلياً حاضرين.
إلى هذا لم يحسم حزب «النور» السلفي موقفه من الاستمرار في اللجنة من عدمه بعد رفض اقتراحه في تفسير مبادئ الشريعة بما يفيد نص تعويضي للمادة 219 والتي ألغتها لجنة الخبراء التي عدلت الدستور قبل لجنة الخمسين، إلا أن مصادر كشفت لـ«الأخبار» أن الحزب لن ينسحب خوفاً من أن يلقى مصير جماعة «الإخوان» المحظورة في مواجهة مع الدولة وهو التخوف الذي تراه قيادات «النور» مشروعاً ويمكن التنازل عن هذه المادة بشكل غير معلن لأجله.