سير الميدان العسكري و«القناعة» الغربية بالحل السياسي للأزمة السورية جعلا أحمد الجربا يتحدث عن اهتمامه «البالغ بإقامة علاقات مع المسؤولين الروس». رئيس «الائتلاف» المعارض وافق مبدئياً على زيارة موسكو بعد تلقيه دعوة لذلك. لم تعد هذه الهيئة السياسية قادرة على تجاهل العاصمة الروسية بعد تقاطر الدبلوماسيين الغربيين والمعارضين السوريين بتلاوينهم كافة إليها.
وحدّدت الدعوة الرسمية الموجهة إلى «الائتلاف» موعداً للزيارة بين اليوم والخميس المقبل، ما يعني أنها كانت ستتزامن مع زيارة وفد حكومي سوري لروسيا. إلا أن رئيس «الائتلاف» قال إنّه لم يتمكن من إلغاء «ارتباطات سابقة»، مطالباً بإرجاء الموعد.
وصرّح مستشار رئيس الائتلاف لشؤون الرئاسة منذر اقبيق بأنّ الجربا «شكر السيد (وزير الخارجية الروسي سيرغي) لافروف على دعوته، وعبّر عن اهتمام بالغ لدى الائتلاف بإجراء محادثات مع المسؤولين الروس وإقامة علاقات معهم، وبزيارة موسكو». وأشار اقبيق إلى أنّه «سيتم التنسيق بين الجانبين لتحديد موعد جديد للزيارة».
ويبدأ وفد مؤلف من مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد ومسؤول الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية السورية أحمد عرنوس، اليوم محادثات في موسكو تحضيراً لمؤتمر «جنيف 2».
في موازاة ذلك، قال الأمين العام لـ«الائتلاف»، بدر جاموس، أول من أمس، إنّه لا توجد مؤشرات على نجاح «جنيف 2»، معرباً عن قلقه من أن المؤتمر سيستخدم من قبل المجتمع الدولي للتهرب من مسؤولية فشل حل الأزمة في سوريا، وتحميلها لأولئك الذين يرفضون الذهاب إلى جنيف. وأضاف إن المعارضة تحتاج إلى توفير منبر للمفاوضات في جنيف لأنه بعدم وجود نوايا جدية لا يمكن توقّع أي نجاح.
وكان لافروف قد دعا، أول من أمس، إلى عدم تفويت فرصة عقد لقاء غير رسمي بين ممثلين عن المعارضة والحكومة في موسكو. وقال في حديث إلى التلفزيون الروسي: «لمساعدة زملائنا الغربيين الذين يحاولون جلب المعارضة إلى المؤتمر الثاني في جنيف، فنحن مستعدون لاستخدام علاقاتنا بمعارضي النظام التي لم نقطعها أبداً. التقينا في موسكو والمنطقة مع كل فصائل المعارضة المهمة تقريباً». وأضاف إنّ موسكو اقترحت عقد لقاء تحضيري في موسكو بين ممثلين عن الحكومة وكل فصائل المعارضة وبمشاركة ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة والمبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، «وذلك حتى ينظر المعارضون بعضهم إلى بعض ويفهموا سبب فشلهم في وضع نهج موحد حيال المفاوضات مع النظام».
وقال وزير الخارجية الروسي «إذا تمكنا من دفع المعارضة ولو قليلاً إلى التعبير عن استعدادها للمشاركة في المؤتمر انطلاقاً من مسؤوليتها عن مستقبل بلادها، فسيعني ذلك أننا لم نجتهد عبثاً». وأكد أن الشروط المسبقة التي تطرحها المعارضة السورية لمشاركتها في «جنيف 2»، بما في ذلك شرط رحيل الرئيس بشار الأسد، غير واقعية. ولفت إلى أنّ ذلك يتعارض مع بيان جنيف الذي لا ينصّ على وجود شروط مسبقة. وقال إن مثل هذه المطالب غير واقعية لأنه يجب الجلوس حول طاولة المفاوضات أولاً للبدء بالبحث عن حلول وسط.
وأضاف إن المرشحين البديهيين للمشاركة هم من أعدّ بيان جنيف وشارك في مؤتمر جنيف واحد في 30 حزيران 2012، أي الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا. وتابع إنّ روسيا تدعو إلى توسيع قائمة المشاركين في المؤتمر، مشدّداً على أهمية حضور إيران والسعودية.
شقة ووظيفة وتعليم مجاني
في سياق آخر، أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، منح كل أسرة فلسطينية لاجئة من سوريا إلى غزة شقة سكنية ووظيفة لأحد أفراد الأسرة.
وقال هنية، خلال لقائه أمس عدداً من الأسر الفلسطينية التي لجأت من سوريا إلى غزة أخيراً، «سنملّك كل أسرة عائدة من سوريا في مدينة الشيخ حمد بن خليفة، وسيتم إعفاء الطلاب العائدين من رسوم التعليم في المراحل الدراسية الثلاث وسنقوم بتوظيف شخص من كل أسرة». وشدّد على «حق توظيف فرد من كل أسرة عائدة إلى غزة، بالإضافة الى اعتبار من ارتقى (قتل) في أرض سوريا شهيداً له حق شهداء فلسطين».
وأضاف: «نحن في موقع حيادي من الوضع السوري، لذا نطالب بحماية اللاجئين الفلسطينيين هناك، وضرورة تجنيب المخيمات الفلسطينية دائرة الصراع الدائر في سوريا، وعودة اللاجئين لا تعني توطينهم في غزة، بل لا بد من عودتهم إلى صفد واللد والرملة ويافا».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)