في مقابلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أكد رئيس مركز موشيه دايان للدراسات الشرق أوسطية في جامعة تل أبيب، البروفسور عوزي رابي، أن المجتمع الدولي وإيران في طريقهما نحو «اتفاق تسوية» يسمح للجميع بالإعلان عن انتصارهم، وهو اتفاق سيمكن إيران في نهاية المطاف بأن تصبح دولة نووية.
رابي، الذي ينشر قريباً كتابه الجديد «الهلال الشيعي: رؤية إيران والخوف العربي»، يؤكد على أن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية كانت ممكنة منذ سنوات عدة، إلا أن «القطار قد غادر المحطة» حالياً، ولم يعد الخيار العسكري ممكناً. لكن في المقابل، على تل أبيب أن تبدأ بالتفكير بشكل مختلف، وتحديداً في كيفية احتواء إيران النووية، بدلاً من مواجهتها، وجنباً الى جنب مع الدول العربية، التي يحدق الخطر بها، مثلها مثل إسرائيل.
يؤكد رابي على أن المفاوضين سيتوصلون الى أرضية مشتركة تسمح باتفاق تسوية، وهو اتفاق يشتمل على تقليص أنشطة تخصيب اليورانيوم وزيارات التفتيش للمنشآت النووية، إلا أن هذا الاتفاق لا يعني بالضرورة أن الإيرانيين سيكونون شفافين، فـ«كل شيء سيكون جزئياً، وغير كامل»، إلا أن «هذا الاتفاق سيكون مريحاً لهم، وأيضاً للأميركيين، على حد سواء».
ولا يتوقع رابي أي تنازلات إيرانية أخرى، الأمر الذي سيثير بعض التحفظات على الاتفاق العتيد. «لكن في نهاية المطاف، الجميع سيبارك»، وتحديداً الدول الغربية.
وحول تأثيرات ذلك الموضوع السوري، لم يستبعد رابي أن «يتمدد الاتفاق باتجاه ترتيبات دولية، تتعلق بحل النزاع القائم في سوريا». وبحسب رابي، بإمكان الإيرانيين «كشركاء في المحادثات المقبلة حول سوريا، تنفيذ خطوات من شأنها أن تدفع نحو وضع حد للاقتتال في هذا البلد».
ورأى رابي أن مهمة الأميركيين في المرحلة اللاحقة، أي مرحلة ما بعد الاتفاق، هي السعي نحو طمأنة حلفائهم في الشرق الأوسط، وتحديداً إسرائيل ودول الخليج ومصر، وهي الدول المهددة من قبل إيران النووية، و«على واشنطن أن تقنع هذه الدول بأنها لم تتخلّ عنهم».
في الجانب الإيراني، توقع رابي مسار عرقلة تثيرها بعض النخب الإيرانية المؤثرة، ومن بينها عراقيل وعقبات للحرس الثوري الإيراني. مع ذلك، أكد رابي على أن الاتفاق سينجز، إلا أن تنفيذه سيكون تدريجاً، مع رفع العقوبات على مراحل، وتحديداً ما يتعلق بالقيود المفروضة على قطاع النفط، والمعاملات المصرفية.
وحول ما يمكن إسرائيلَ أن تقوم به في هذه المرحلة، أشار رابي الى أن الخيار العسكري بات متأخراً، ولم يعد فعالاً في منع إيران من صنع القنبلة النووية»، وحتى مع فرض أنه فعال، فأقصى ما يمكن أن ينجم عنه، هو تأخير إيران لمدة عام أو اثنين. لكن ماذا عن المرحلة التي تلي ذلك؟ هل نقوم بتوجيه ضربة عسكرية جديدة؟ وأكد في المقابل «ضرورة أن تعمل إسرائيل على إقامة حلف مع الدول التي تشعر بأنها مهددة من إيران، وأن تفكر في كيفية احتواء طهران النووية، وليس فقط التفكير في منعها من أن تزوّد نفسها بالسلاح النووي».
وقال رابي إن المسؤولين العسكريين في إسرائيل، الذين حثوا الحكومة قبل سنوات على الانتظار والتريث قبل توجيه ضربة عسكرية لإيران، لا يفترض بهم الآن، في هذه المرحلة المتأخرة من معالجة النووي الإيراني، أن يدفعوا باتجاه الخيارات العسكرية، إذ إن «إيران النووية لا تتسبّب كارثة إقليمية، رغم أنها تخلق تحديات صعبة جداً».
وشدّد رابي على ضرورة عدم الدخول «في حال من الكآبة»، إذ لن يكون هناك تدمير للمنطقة، أو تحقق أي من السيناريوهات المروعة الأخرى، إذ إن «إيران نفسها ستحسب خطواتها جيداً، وهي لا تريد أن تخسر مواردها في حرب غير مجدية»، لكن في المقابل «علينا أن نطور أساليب مواجهة أخرى، تضمن بأن لا تكون إسرائيل في موضع صعب».
وقال رابي إن الرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، تمكّن من إقناع المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، بضرورة تغيير التكتيكات المتبعة لمنع الانهيار الاقتصادي وتفادي نشوب ثورة شعبية، إلا أن «روحاني هو نتاج النظام، ودعوته لتغيير الاتجاه ليست إلا مناورة تكتيكية، وليست أيديولوجية».
وأضاف إن «روحاني ينتمي الى نخب الثورة الإسلامية في إيران، وكل ما يحاول القيام به هو أن يثبت أنه، من خلال طرق أخرى، يمكن رفع العقوبات عن إيران، ومن دون الإضرار بمصالحها».
ومن أجل ذلك، تابع رابي، شن روحاني هجومه الساحر والفعال باتجاه الأوروبيين والأميركيين، الذين لا يريدون، في الوقت نفسه، التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط، وبالتالي ينظرون فقط الى «النصف الآخر من الكأس». وختم رابي: رغم «حرب الاستنزاف» التي تقودها إسرائيل ضد إيران، «فالعالم يسمح بوجود إيران النووية، وخاصة أن لدى طهران ما يمكن أن تعرضه على المفاوضين داخل الأبواب المغلقة، بينما إسرائيل غير موجودة على الطاولة».