القاهرة | انتهت زيارة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، الى العاصمة المصرية القاهرة مساء أمس، في ظل الحديث عن مبادرة قد تقدمها للخروج من الأزمة السياسية الطاحنة في مصر الآن. لكن لم تنته حالة الجدل التي خلقتها الزيارة مع الغموض حول طبيعتها وأهدافها، وكونها الزيارة الثالثة لنفس الشخصية منذ 30 حزيران الماضي، وما إذا كانت الزيارة تطرح مبادرة للصلح بين النظام الجديد وجماعة الإخوان المسلمين. وآثرت المسؤولة الأوروبية عدم الإدلاء بأي تصريحات إعلامية عقب أي محادثات قامت بها، وكل ما نُقل على لسانها نقله المسؤولون الذين التقوها أو المتحدثون الإعلاميون، سوى المؤتمر الصحافي الذي عقدته أمس، وجاء مقتضباً غامضاً كحال الزيارة كلها. لكنها في نهاية زيارة قالت، خلال مؤتمر صحافي، إن الاتحاد الاوروبي «لا يلعب دور الوساطة في مصر»، وإن مستقبل مصر يخص المصريين «هم أصحاب القرار». وأكدت في حديثها، الذي لم يتجاز دقائق، على أن مباحثاتها في لقاهرة قامت على عدم استبعاد أي طرف من أطراف العملية السياسية، مشيرة إلى أن تلك العملية السياسية «تحتاج إلى وقت ونحن لا نصر على أي حل». وقالت أشتون، إنها التقت وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي، وتباحثت معه عن سيناء، حيث «الوضع يبعث على القلق».
ورغم ما جاء في مؤتمر أشتون من معلومات، إلا أنه أبقى الغموض مستمراً حول لقاءاتها المغلقة، والتي شملت السيسي، بحضور عدد من قادة القوات المسلحة. كما التقت الرئيس المؤقت عدلي منصور، ونائب رئيس الوزراء وزير التعاون الدولي، زياد بهاء الدين. وفي بيان مقتضب لرئاسة الوزراء، قال بهاء الدين، إنه شرح خلال اللقاء الخطوات التي اتخذتها الحكومة منذ تشكيلها لتنشيط الاقتصاد وإخراجه من العثرات التي كان يعاني منها، «سواء من خلال الإجراءات العاجلة التي تهدف لمواجهة الأزمات الاقتصادية الفورية أو تلك التي تهدف لوضع الأساس لإعادة انطلاق الاقتصاد من جديد».
وأشار بهاء الدين في بيان الوزراء إلى أنه أوضح للمسؤولة الأوروبية أن كلا المسارين الاقتصادي والسياسي متداخلان و«لا يمكن تحقيق تقدم كاف في أيهما من دون الآخر».
ودعا أشتون للعمل على تنشيط برنامج المساعدات الأوروبية بهدف المساهمة في تحقيق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي المأمول، وقال البيان إن زياد بهاء الدين استعرض برنامج الحكومة لحماية المسار الديموقراطي، وما تحقق في صياغة الدستور المصري. البيان نقل عن أشتون تأكيدها على استمرار المساعدات الأوروبية، و«إلى وجود عدد من الآليات والأدوات التي يمكنها أن تسهم في برنامج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي». وجاء لقاء أشتون مع بهاء الدين، بعد اعتذار رئيس الوزراء حازم الببلاوي عن لقائها لارتباطه باستقبال ملك البحرين حمد بن عيسى.
في المقابل، التقت أشتون ممثلين عن حزب الحرية والعدالة، الذي ينتمي إليه الرئيس السابق محمد مرسي، والتحالف الوطني لدعم الشرعية المطالبين بعودة مرسي إلى الحكم مرة أخرى. كذلك اجتمعت مع رئيس لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012 عمرو موسى. وفي وقت لاحق التقت شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الأقباط الأنبا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية، كما التقت ممثلاً عن حزب النور السلفي.
وكانت في يومها الأول الأربعاء، قد استقبلت في مقر اقامتها وزير الخارجية المصري أحمد فهمي. الزيارة الثالثة لأشتون الى لقاهرة صحبها العديد من التقارير الإعلامية التي تحدثت عن مبادرة قد تقدمها للخروج من الأزمة السياسية الطاحنة في مصر الآن، اضافة الى تساؤلات عديدة حول دورها في المصالحة بين النظام القائم وأنصار النظام السابق. وفي تقييمه لزيارة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، قال وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، إن الزيارة المتكررة لأشتون تحاول من خلالها إيجاد حل للأزمة السياسية في مصر، وإدماج جماعة الإخوان المسلمين في العملية السياسية في المرحلة المقبلة، وإنهاء حالة الصراع المتزايد في الشارع. ولفت إلى أن السلطة المصرية أكدت في أكثر من موضع رفضها التدخل في شؤونها «ولن تتراجع عن تطبيق خريطة المستقبل المعلنة»، معتبراً أن زيارة أشتون «مرفوضة شعبياً»، وأن الشعب المصري لن يقبل التدخل في شؤونه من أي جهة.