دمشق | اتسعت رقعة ريف دمشق هذه المرة لحجم لا يُحتمل من الموت. كل المساحات اشتعلت حول العاصمة دمشق. وكما جرت العادة، لا جديد. أبطال المشهد هم بعض أطفال سوريا ونسائها وأبريائها، ممن كانوا وقود الحرب القائمة في مجزرة من أبشع المجازر التي وقعت في البلاد منذ بداية الأحداث عام 2011. إحصائيات عديدة ظهرت، لكنّ الجميع يتفق على أن أكثر من 600 مدني، بينهم نساء وأطفال، كانوا ضحايا المجزرة المهولة التي وقعت في مناطق عدة من غوطتي دمشق الشرقية والغربية وأحياء دمشق الجنوبية. طفلٌ مسجّى في تلك الزاوية يحمل رقم 1، تتبعه بنفس الترتيب جثث أطفال آخرين تحمل أرقاماً متسلسلة. صور لن تمنحك السلام الروحي بعد الآن، وستجعلك تتساءل عن المعيار المختار لترتيب أرقام الأطفال الموتى وفقه. الطفل رقم 2 يحمل ملامح مختلفة، وتزداد الملامح المتفاجئة مع كل رقم جديد. طفل آخر يحمل الرقم 55 تولّد ملامح الصدمة على وجهه الكثير من الأفكار المتضاربة.
لعلّه شهد صراع من أسلم الروح قبله، فعاش موتين في آن واحد، ما جعل أسنانه الصغيرة تظهر معلنة خوف الطفولة من الموت القادم من كل مكان في سوريا. لا أطفال كأطفال سوريا، الوقود الدائم لأي إنجاز سياسي لاحق. والفاتورة التي يكلّفها طرف ما للآخر، عند كل عجزه عن انتزاع انتصار عسكري على مناطق بعينها. ومحاولات التضليل التي يبرزها كل طرف ضد الآخر بهدف كشف حقيقته أمام الرأي العام، لتظهر الصورة العامة على شكل مباراة في الوحشية.
عملية عسكرية واسعة صباحاً
خبر المجزرة الكيميائية طغى على العملية العسكرية الواسعة التي بدأها الجيش السوري صباحاً في جميع مناطق التمرد المسلح، والتي تتضمن مناطق المعضمية وزملكا وعربين وجوبر وبرزة والقابون. فالعملية تزامنت مع انتشار صور للمجازر الواقعة في هذه المناطق، والتي بثتها معظم وسائل الإعلام متّهمة دمشق بتنفيذها. ووفق الصور والفيديوات المنشورة، فقد سقط أكثر من 600 مدني نتيجة الاختناق، بعد اتهامات للسلطات باستخدام السلاح الكيميائي في هذه المناطق. القصف العنيف الذي أيقظ سكان دمشق منذ الخامسة صباحاً، ترافق مع أخبار عن إجلاء المدنيين في حي المعضمية جنوب دمشق، الملاصق لبلدة داريا المنكوبة. أهالي المعضمية خرجوا من حيهم على مشهد الدبابات الواقفة في أرتال على الطريق الجنوبي. لا أحد منهم يرغب في التكلم على من خلّفوهم وراءهم من جيران وأصدقاء، فمن استطاع الخروج بملابسه التي يرتديها فعل ذلك مضطراً، ومن ليس لديه من يلجأ إليه خارج الحي بقي في منزله ينتظر قدره المحتوم. خبر المجزرة في الحيّ يرعب من هجر بيته من السكان قبل أن تقع الواقعة، إذ لا تفارق فكرة منحهم عمراً جديداً أذهانهم المتعبة. إلا أن بعضهم يهزأ من مجرد التفكير في استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش، إذ يروي أحد السكان أنّ الاشتباكات بين عناصر الجيش والمسلحين قد باتت قريبة إلى مرحلة يصعب معها استخدام الجيش لهذا السلاح دون أن يؤذي عناصره. ويتابع الرجل: «تركنا بيوتنا ونحنُ نعرف أن أمتاراً تفصل بين الجندي السوري والمسلح، ما ينفي إمكانية استخدام مثل هذا السلاح الفتاك». وبما أنّ الوصول إلى مصادر ميدانية من داخل المناطق المستهدفة يجعل من إمكانية إثبات ما يخالف إفادة الرجل أمراً صعباً، فإن إجراء بعض التقاطعات في المعلومات الواردة قد يفي بالغرض للوصول إلى محاولة فهم لحقيقة ما يجري على الأرض.
ففيما تعلن تقارير المعارضة مقتل أكثر من 1300 شخص، في إحصائيات وصفها ناشطون مستقلون بـ«المبالغ بها»، يذكر أحد النشطاء لـ«الأخبار» أنّ ضحايا قصف هذه المناطق يقدّرون بالعشرات. تصريح تقاطع مع ما أعلنه رئيس الفريق الدولي للتفتيش عن الأسلحة الكيميائية، أكي سيلستروم، عن ضخامة عدد القتلى جراء المجزرة الحاصلة، الذي يثير الريبة، على حد تعبيره. سيلستروم الذي قال في تصريح لوكالة الأنباء السويدية إنّه لم يرَ سوى لقطات تلفزيونية عن المجزرة، أكّد ضرورة التحقيق في الأمر والنظر فيه. وفي المقابل نفت السلطات السورية عبر إعلامها الرسمي استخدام الجيش للسلاح الكيميائي، مؤكدةً أن التقارير المعدّة لهذا الغرض محاولة لإفشال عمل لجنة التحقيق الدولية الموجودة في دمشق منذ الاثنين الفائت. أحد العسكريين وصف لـ«الأخبار» التقارير المنقولة بالصور والفيديوات عن استخدام السلطات لهذا السلاح بـ«الشائعة». وهي ناتجة، بحسب تعبيره، من الخسارات التي حاصرت المسلحين في كل مكان من ريف دمشق، ما دعاهم للبحث عن مخرج لإحراز مكاسب سياسية بعد توريط السلطات في هذه الجريمة. كلام المصدر يأتي بالتزامن مع إعلان «لواء تحرير الشام» مقتل قائده أسعد سوسق خلال الاشتباكات في الغوطة الشرقية، بالإضافة إلى تحقيق ضربات مباشرة لتجمعات مسلحي المعارضة في الغوطتين جرّاء القصف المدفعي والجوي لمناطق تمركزهم. وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، بدوره، رمى الاتهام على الطرف الآخر، مؤكداً في تصريح إعلامي أن لدى المسلحين أسلحة كيميائية، وتستطيع الحكومة السورية إثبات ذلك.
المجزرة التي سوّق لها إعلامياً على أنها وقعت على يد السلطات، تبدو غريبة للمراقب الحيادي، حيث تظهر الحكومة السورية بمظهر ساذج بحكم قبولها بوجود لجنة المراقبين الدوليين على أراضيها إثر اتفاق مع الأمم المتحدة.
وعلى صعيد آخر، اشتعلت سماء دمشق بالقذائف المنطلقة من مناطق سيطرة مسلحي المعارضة، الذين ردوا على قصف الجيش لأماكن تمركزهم باستهداف المناطق الآمنة وسط العاصمة وفي أزقتها القديمة، بالإضافة إلى منطقة جرمانا. وليس خافياً على أحد أن أحياء دمشق القديمة أصبحت هدفاً يومياً للقذائف، ولا سيما باب توما التي تنال حصتها الدائمة من قصف الهاون.
إغلاق بعض الشوارع القريبة من ساحة العباسيين كان الخبر الأبرز في منطقة باب توما، فقد أغلقت ساحة جورج خوري وخلت من المارة بسبب اقتراب الاشتباكات من ساحة العباسيين إلى محيط الكراجات ومبنى المعلمين، الذي انهارات أجزاء إضافية منه، بعد استهدافه مجدداً إثر عودة القناصين إليه.
أيام عصيبة تمر على دمشق. يتوقع البعض أن الأيام المقبلة ستكون الأصعب بسبب قرار قيادات الجيش السوري بمتابعة العمليات التي بدأت صباح أمس، ولم تخفف عنفها تقارير استخدام الأسلحة الكيميائية.
7 تعليق
التعليقات
-
يا حكام العالمرآفةً بهذا الشعب وبهؤلاء الآبرياء قتلهم من قتلهم ، وعودة الى الضمائر النائمة وقبل ان تموت نهائياً ، نتوجه الى ضمائركم انتم حكام هذا الكون ان ترأفوا بهذا الإنسان ، هذا الإنسان الذين يحمل روحاً كأرواحكم ، ولكن قلبه لا يشبه قلوبكم القاسية ، او ضميراً كضمائركم الشبه ميتة ، ارحموا هؤلاء وكفاكم دعماً وتشجيعاً لهؤلاء الذين تسمونهم ثواراً ، فيعمدوا الى تكفير الناس وقتل الأبرياء وانتهاك شرعة حقوق الإنسان ، هذا الإنسان الذي يقتلونه بإسم الحرية والديمقراطية ، وانتم ايها الحاكم تتفرجون على الأطفال يذبحون والنسوة يغتصبون بلا رحمة ، وانتم ايها العرب كفوا عن العبث بأمنكم وارحموا ناسكم ، انكم تريحون عدوكم المتربص بكم وانتم تنفذون رغبة راعيكم الدولي ، بربكم اخبرونا انتم يا من تتهمون النظام بقتل الأطفال وهو يستعمل السلاح الكيماوي الم يصب هذا السلاح أيا منكم انتم الثوار ، ام انكم تتجنبون هذا السلاح بإمكانات وبطرق نجهلها ، كفوا عن ارتكاب الجرائم والصاقها بالجيش النظامي ، فمن المستحيل ان يعمد جندي الى قتل بريئ ...
-
شمس بلادي حزينةشمس بلادي حزينة،فمنذ ان خرجنا من ثوبنا ووعينا،حل الظلام وحل معه ملك الموت ضيفاً دائما علينا،ودخل الأغراب معه وكل المجرمينا لأرض بلادي،حصادا الوجوه والأرواح ليحولها أرقاما تضاف إلى ارقام،غير أبه كم سيصل العدد،ولم يعلمنا متى سيتوقف عن زيارتنا ويرحل،وييأخذ معه كل صوره البشعة،التي لن تغادرنا وان غادرنا،انه الإرهاب،ووظيفته واحدة وهي القتل من اجل القتل، لا يهمه كيف سيقتلك ؟وكم عمرك ؟ ومن انت أصلاً،؟ كنت برعمً أو فتياً أو شابا أو حتى كهلاً،أكنت أنثى أم ذكر، كنت ملحدا أو مؤمناً،فانت بنظره كافر،وتستحق الموت. فالموت هو الموت ليس من اجل الحياة،بل من اجل ان يزيد من أبادته لنا، ومن وجهة نظره كلما قتل منا،كلما أمعن في تطبيق حيوانيته علينا،فمتى ستعود شمس بلادي إلى صباحها المعهود لتشرق فرح وحياة. أم ان هناك من قرر أننا أمة لا تستحق دفء الشمس وفرح الحياة. انني انتظر بان تتوقف عقارب الساعة،ليكون في سماءنا شمس فقد دون ظلام الظلامية التكفرية،فهل سأحيا لاشهد هذه الحظات،أم ستبقى عقاربها تمشي فقد في جهة الظلام لتأخذ آخر ضوء في داخلنا.
-
الردموقع جريدة الأخبـار.. الصحفية مرح ماشـي.. لم يعد خافيا على أحد إجرام العصابات التي تدعي جهادها على الأراضي السورية.. وسبق لها أن قامت بتصفيات ومجازر بحق أقليات من القوميات والظائف الأخرى هذا فضلا عن بعض المجازر التي ارتكبتها في بعض المناطق التي تسيطر عليها ضد من وقف في وجههم وذبحوهم وفقا للشريعة الإسلامية التي يدعون اتباعها.. هذه العصابات لم نعد نخفي يقيننا بأنها تنهش لحم بعضها لتقتات من بقايا بترو دولار (...) نعم هل يعقل للسلطات السورية ان تقصف مواقع باتت أقرب إلى ثكناتها العسكرية من أي مكان آخر بالمواد الكيماوي.. هل يُعقل أن نرى أشخاص يسعفون ولا يضعون كمامات أم أن السلاح المتطور يختار الأطفال الرضع فقط والنساء.. عذرا من عاش مع العقرب في جحر واحد عليه أن يتحمل لدغاته وإلا فليصمت.. تقبلوا مروري
-
السلاح الكيماوي السوريينفرد السلاح الكيماوي السوري بالميزات التالية :1 - يقتل الاطفال و النساء فقط ولا يصيب الارهابيين و المسعفين و المصورين باي ضرر.2 - يحوي فيتامينات خاصة بالجيش السوري حيث يستطيع الجيش اقتحام المنطقة المستهدفة كيماويا مباشرة بعد قصفها بدون اي ضرر لجنوده.3- يستخدم فقط و حصريا لدى وصول مفتشي الامم المتحدة حول السلاح الكيماوي.4 - يستخدم بشكل تلقائي من قبل النظام ليغطي على خبر تشييع مئات المدنيين مقطوعي الرأس و الاطراف نتيجة دخول الحرية الى ريف اللاذقية
-
المجزرة التي سوّق لهاالمجزرة التي سوّق لها إعلامياً على أنها وقعت على يد السلطات، تبدو غريبة للمراقب الحيادي، حيث تظهر الحكومة السورية بمظهر ساذج بحكم قبولها بوجود لجنة المراقبين الدوليين على أراضيها إثر اتفاق مع الأمم المتحدة. -------------------------------------------------- هالكلام صحيح 100% فقط في حال سماح السلطات السورية للجنة التحقيق بالتوجه المباشر للغوطة وإجراء تحقيق فوري.. بإستثناء ذلك لا معنى لهذا الكلام أبداً