في أعقاب انتخابات تشريعة مثيرة للجدل في الكويت قاطعتها المعارضة الإسلامية، وخسر الشيعة فيها نصف مقاعدهم، وتقدم خلالها المهمّشون والليبراليون، أعدت الحكومة أمس في اجتماع استثنائي كتاب استقالتها تمهيداً لرفعه إلى الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، حسبما أفادت وكالة الأنباء الكويتية (كونا). وأوضح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء محمد العبد الله الصباح، أن هذه الاستقالة تأتي تطبيقاً للمادة 57 من الدستور، التي تنص على إعادة تأليف الوزارة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة (البرلمان).
كذلك وافقت الحكومة على مشروع مرسوم بدعوة البرلمان الجديد إلى الانعقاد في السادس من آب المقبل.
ونتيجة الانتخابات التي أجريت أول من أمس في الكويت، حصل ليبراليون ومرشحون من أكثر القبائل تهميشاً على مقاعد في مجلس الأمة (البرلمان)، الذي ربما يكون أكثر تعاوناً مع الأسرة الحاكمة، بعدما قاطعت المعارضة الإسلامية والشعبوية هذا الاستحقاق احتجاجاً على نظام الصوت الواحد. وهو نظام جديد أعلنه في العام الماضي وقالت المعارضة إنه سيحرمها تشكيل أغلبية.
أما الشيعة، الذين تقدر نسبتهم بما بين 20 و30 في المئة، فقد حصلوا على ثمانية مقاعد فقط في مجلس الأمة المؤلف من 50 مقعداً مقارنة بـ17 في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في كانون الأول، كما عزز الاسلاميون السنّة موقعهم بفوزهم بسبعة مقاعد مقابل خمسة في البرلمان السابق.
ولم يكن الليبراليون (التجمع الديموقراطي الوطني) يشغلون اي مقعد في مجلس الامة، لكنهم سيشغلون ثلاثة مقاعد على الأقل بعد الانتخابات الأخيرة.
الا أن القانون الكويتي يحظر إنشاء أحزاب سياسية، لذلك فإن المرشحين يشنون حملاتهم الانتخابية كمستقلين او بناءً على صلتهم بحركات سياسية.
وحل البرلمان الكويتي ست مرات منذ ايار 2006، بسبب خلافات سياسية او بقرار من القضاء. واستقالت الحكومة نحو 12 مرة خلال الفترة نفسها، حيث أدى السجال السياسي والبيروقراطية إلى تعطيل الغالبية العظمى من المبادرات في خطة التنمية الاقتصادية وحجمها 30 مليار دينار (105 مليارات دولار) التي أعلنت عام 2010.
وأجريت الانتخابات المبكرة بسبب حكم من المحكمة الدستورية في حزيران الماضي يقضي بأن العملية التي أدت إلى آخر انتخابات انطوت على عيوب قانونية، كما أيدت المحكمة النظام الانتخابي الجديد في حكم أدى إلى انقسامات في المعارضة، لكن المعارضين وجدوا ان القانون الانتخابي الجديد سيمنح العائلة الحاكمة امكان التلاعب بنتائج الانتخابات.
وقبل الانتخابات عمل صباح الأحمد الجابر الصباح، على استمالة فئات غير راضية عن نظام التصويت الجديد، وشجع عدداً من القبائل المحافظة اجتماعياً في البلاد على تأييد الانتخابات.
وأدلى نحو 52 في المئة من بين 439715 شخصاً يحق لهم التصويت بأصواتهم طبقاً لإحصاءات أولية أجرتها وكالة «رويترز»، استنادا إلى أرقام المصوتين التي نشرت في موقع تابع لوزارة الإعلام الكويتية.
وهذه النسبة أعلى من النسبة التي شاركت في كانون الأول الماضي عندما بلغت 40 في المئة في ظل مقاطعة للمعارضة، لكنها مع ذلك لا تزال أقل من عدة انتخابات أجريت قبل 2012 عندما بلغت نسبة المشاركة نحو 60 في المئة.
وتنافس حوالى 300 مرشح بينهم قلة من المعارضين. وبين المرشحين ايضا ثماني نساء وهو اقل عدد من المرشحات منذ ان حصلت الكويتيات على حق التصويت والترشح في 2005.
ويمكن للمجلس أن يمرر تشريعات ويستجوب وزراء، لكن أمير البلاد له القول الفصل في شؤون الدولة ويمكنه حل البرلمان. وهو يعين رئيس الوزراء الذي يختار أعضاء الحكومة.
ومن الموضوعات التي طغت على الحملات الانتخابية، محاربة الفساد والإعفاء من القروض وإبداء القلق من تقديم مساعدات لمصر بلغت قيمتها أربعة مليارات دولار، بعدما عزل الجيش الرئيس محمد مرسي.
وقال النائب الجديد عيسى الكندري، في إشارة للحكومة والبرلمان، إن البلاد تعاني من تدهور الخدمات ونحتاج لمداواة الجراح لبدء مرحلة جديدة مع تعاون حقيقي بين السلطتين.
وذكر النائب الجديد كامل العوضي، أنه سيعمل على كل المشاريع التي تجعل الاقتصاد يتحرك إلى الأمام، بما في ذلك مشاريع الإسكان والبنية الأساسية. والكثير من هذه المشاريع كانت مقررة في 2010 ولم تنفذ.
والكويت الدولة الغنية بالنفط التي يقطنها 3,8 ملايين نسمة، بينهم 1,2 مليون كويتي، هي البلد الخليجي الوحيد الذي يتمتع ببرلمان منتخب مع بعض السلطات.
وطبقا للدستور الذي يعود الى 1962 فان أمير دولة الكويت وولي العهد ورئيس الوزراء والمناصب الوزارية الأساسية في أيدي أسرة آل صباح الحاكمة منذ 250 سنة.
(رويترز، أ ف ب)