القاهرة | تتعدّد سيناريوات المعارضة لما بعد رحيل الرئيس الحالي محمد مرسي، إن سقط في تظاهرات 30 يونيو، وهو ما قد ينذر بتفجير جدل يفكّك من التماسك الذي يعوّل عليه المتظاهرون، وخاصة أن هناك تفاصيل تحتاج إلى التوافق.
السيناريو الأبرز لما بعد الرحيل هو ما دعا إليه قادة جبهة «الإنقاذ الوطني» بإسناد مهمات رئيس الجمهورية لرئيس المحكمة الدستورية العليا، فيما كان سيناريو اللجنة التنسيقية لـ30 يونيو أكثر تفصيلاً.
شباب «6 أبريل» كانوا أول من تنبأ بهذا القلق حول تضارب سيناريوات ما بعد الرحيل، وبدأوا سلسلة من الزيارات لبعض أحزاب جبهة الإنقاذ لوضع ترتيبات موحدة. وقد عبر عن هذا القلق مؤسس الحركة، أحمد ماهر، في حديث لـ«المصري اليوم»، قائلاً إن «الحركة لديها قلق من ظهور أكثر من طرح على الساحة السياسية بشأن السيناريو البديل وكيفية التعامل مع الأحداث إذا نجحت ثورة جديدة في إسقاط حكم الرئيس مرسي، إلى جانب تزايد خطاب التخوين، ما يهدّد بضياع مجهود الجميع»، لافتاً إلى أن لقاءهم بمنسق جبهة الإنقاذ، محمد البرادعي، وقيادات حزب «الدستور» شهد اتفاقاً على سيناريو ما بعد رحيل مرسي، بتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا الرئاسة، وتشكيل حكومة ائتلافية لفترة انتقالية وإجراء تعديلات على الدستور، لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وقال إن هذه الرؤية لنقل السلطة لم تشهد خلافاً مع البرادعي وحزبه ومع التيار الشعبي الذي يتزعمه حمدين صباحي.
ولفت ماهر إلى أن زيارته للتيار الشعبي ومصر القوية وحزب الدستور شهدت شبه توافق على سيناريو التظاهرات وما بعد رحيل الرئيس، وستواصل الحركة زيارتها لباقي القوى السياسية والحركات كي لا تقع الثورة في أخطاء الثورة الأولى، التي لم تطرح صيغة بديلة لنظام حسني مبارك.
لكن التوافق بين هذه القوى عند البحث في عدة أمور رئيسية سبق أن فشل، ومنها الحديث عن مرشح للرئاسة توافقي إبان ثورة «25 يناير»، وهو ما قد يحصل حالياً، ولا سيما عند بحث تأليف حكومة ولجان توافقية لإعادة النظر في جميع القوانين التي وضعها نظام مرسي، وفي هذا الصدد تقول المتحدث باسم «التيار الشعبي»، هبة ياسين، لـ«الأخبار»، إن القوى السياسية تعلّمت من أخطائها في الماضي، مشيرة إلى أن أي طرح الآن يجري التشاور بشأنه أولاً والخروج به بعد التوافق. وأكدت أنه لن يكون هناك سيطرة لفصيل بعينه. وعن أسماء الحكومة التوافقية ورئيسها، قالت ياسين إن كل شيء سيُعلن بعد الاتفاق عليه، وفي وقته، والشخصيات التي ستُختار ستكون محل توافق الجميع، مضيفة أن الحكم الفاشي للإخوان جعل المعارضة أكثر حرصاً هذه المرة على نجاحهم والثبات على موقف واحد.
لكن يبدو أن هناك خلافاً بين القوى السياسية لم يحسم بعد، حسب مصادر مطلعة على «مبادرة ما بعد الرحيل»، التي طرحتها المعارضة في مؤتمر عقد خلال اليومين الماضيين، ويتعلق بوضع الجيش في المرحلة الانتقالية من خلال مجلس الأمن الوطني، حيث يرى فريق من السياسيين أن يُنَصّ في الشكل النهائي من المبادرة على أن يلتزم هذا المجلس حماية الأمن القومي للبلاد، والأمن في الشارع. وهو بحسب هذا الفريق لطمأنة الجيش من تظاهرات «30 يونيو»، من جهة، ولطمأنه الشعب من عدم تكرار سيناريو الانفلات الأمني الذي صاحب انسحاب الشرطة في 28 كانون الثاني 2011. أما الفريق الثاني، فيرى أن النص على هذه الجزئية في مبادرة القوى السياسية هي مغازلة غير مبررة للقوات المسلحة، وخاصة أن دورها الأساسي هو حماية الأمن القومي، والمشاركة في تأمين الشوارع لو انسحبت الشرطة.
لكن أستاذ العلوم السياسية، مصطفى حجازي، يرى أن القوى السياسية، حكام ومعارضة، في مكان، والشارع في مكان آخر، ويقول لـ«الأخبار»، إن «الشارع المصري الآن أصبح أكثر وعياً من ذي قبل، وتأكد أن القوى السياسية برمتها، بما فيها القوى الإسلامية، غير مؤهلة لقيادة مصر، وثبت باليقين أن جميعهم خارج السياق حتى أصبح المتظاهرون بالشارع اليوم لا يعولون عليهم لادارة البلاد».