القاهرة | لم تكن الزيارة التي قام بها الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، لقيادة المنطقة المركزية العسكرية في العباسية وتأديته صلاة الجمعة مع كبار الضباط، بعيدة عن محاولته احتواء غضب الجيش بعد الأزمة مع حركة «حماس» والتسريبات التي تتهمها بالوقوف وراء عملية مقتل الجنود المصريين في رفح، وسط تسريبات عن تحفظ رئيس المجلس العسكري السابق، محمد حسين طنطاوي عن القيام بأي وساطة في هذا الملف. ولأن عنوان زيارة مرسي محاولة استدراك التقصير من مؤسسة الرئاسة في الاحتفال بذكرى استرداد طابا من العدو الصهيوني، لم يتأخر في كلمته أمام قادة الأفرع المختلفة والضباط وجنود المنطقة المركزية بحضور وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ورئيس أركان القوات المسلحة صدقي صبحي، في تأكيد اعتزازه بدور القوات المسلحة في تأمين مدن قناة السويس والمنشآت الحيوية. وبينما التزم السيسي وصبحي الصمت طوال لقاء الرئيس بالضباط لترك المجال له للحديث، أكد مرسي أن «هناك عدواً بالخارج يتربص بنا وعلينا جميعاً التصدي له». وأضاف: «عليكم أبناء الجيش المصري الاستمرار في تأمين سيناء ومعاونة الشرطة لحفظ الأمن، فالشعب المصري يقدر دور ابنائه رجال القوات المسلحة واستعداده الدائم للدفاع عن الوطن ضد اي عدو».
لكن بعيداً عن هذه التصريحات الرسمية، فإن تسريبات كواليس زيارة مرسي للمنطقة المركزية تفيد بأنها جاءت «لاستيعاب غضب السيسي الجارف من تصرفات قيادات حماس وتدخلاتهم في هدم الإنفاق»، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الأخبار».
هذه المصادر تحدثت أيضاً عن قيام المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، بالتأكيد لرئيس وزراء حكومة «حماس» اسماعيل هنية، الذي تتحدث معلومات عن أنه قام بزيارة سرية لمصر بالتزامن مع زيارة خالد مشعل قبل أيام، التزام الجماعة وقف هدم الأنفاق التي تُعَدّ شريان الحياة الاقتصادية لحركة «حماس» في القطاع. المصادر نفسها رأت «أن قلة حيلة حماس أمام وقف هدم الأنفاق، سبب بديهي لفشل وساطة قام بها مرسي عبر محاولة عقد اجتماع بين إسماعيل هنية والسيسي، وفشل توسطات نائب المرشد خيرت الشاطر الذي أبدى استعداده لمقابلة السيسي في مكتب رئيس الوزراء، هشام قنديل، في آخر اجتماع لمجلس الوزارء في 13 آذار الماضي، إلا أن السيسى رفض لعدم وجود صفة رسمية تجمعه والشاطر بمكتب قنديل».
وأكد السيسي لمرسي، حسب المصادر العسكرية، أنه لا تراجع عن استكمال مخطط هدم الأنفاق، وأنه لا مجال للحديث مع قيادات حماس. وهو ما جعل من اقتراح الشاطر بتدخل رئيس المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية، المشير محمد حسين طنطاوي، غير مجدٍ. وأوضحت مصادر مقربة من طنطاوي لـ«الأخبار» أن الأخير لم يعرض عليه حتى الآن التدخل للقيام بدور الوسيط بين حماس والقوات المسلحة المصرية.
وأوضحت هذه المصادر أنه في حال لجوء مكتب الإرشاد إلى المشير لمحاولة التوصل إلى هدنة بين قيادات «حماس» والسيسي، فإنه سيجري الاعتماد على وظيفة طنطاوي كأحد مستشاري الرئيس محمد مرسي، في إشارة إلى المنصب الذي حصل عليه عقب إقالته بعد حادث رفح. لكن هذه المصادر أكدت أن المشير في كل الأحوال لن يوافق على إقحام نفسه في معترك المجال السياسى مجدداً، ولن يتوسط لرفضه «التصرفات التي تنطوي على تدخل في الشأن المصرى وتؤثر على سيادة مصر».
ويرى خبراء عسكريون أن السيسي رفض دعوة من مرسي بالتمهل في غلق باقي الأنفاق، «ولا سيما أن المهمة التي ينفذها سلاح المهندسين التابع للقوات المسلحة دخلت المرحلة الأصعب، حيث بدأ الجيش اقتحام الأنفاق الأكثر عمقاً، وتحديداً النفق الرئيسي الذي تمتد فيه شبكة عنكبوتية من الفتحات الفرعية التي تنتهي غالبيتها إما في منازل القبائل العربية أو المدارس». وهذه المرحلة تُعَدّ الأصعب في الهدم؛ «لأن القوات المسلحة تحاول الحفاظ على عادات المجتمع السيناوي الذي يقدس حرمة المنازل».