تتوالى الاتهامات والتعليقات في مسألة «الهجوم الكيميائي» الذي تعرّضت له بلدة خان العسل. دمشق و«الائتلاف» المعارض طالبا بتحقيق دولي، فيما أكّدت تل أبيب وقوع الهجوم وأنها ستتعامل معه بشكل طارئ. لندن وباريس سارعتا إلى وضع الهجوم في سياق ضرورة دعم المعارضة المسلحة لتغيير موازين القوى «قبل أن نشهد بوسنة» جديدة، في حين أعلن القائد الأعلى لقوات حلف شمالي الأطلسي، في تصريح مفاجئ، أنّ بعض دول الحلف تنوي بشكل فردي القيام بعمل عسكري في سوريا، واضعاً كلامه «في الإطار الشخصي». وأعلن القائد الأعلى لقوات حلف شمالي الأطلسي، الأميرال الأميركي جيمس ستافريدس، أنّ بعض دول الحلف تنوي بشكل فردي القيام بعمل عسكري في سوريا. وقال «نحن مستعدون في حال طلب منا القيام بما قمنا به في ليبيا»، موضحاً أنه حتى الآن فإن الأعمال التي تنوي دول أعضاء في الحلف القيام بها ستكون على أساس وطني. ورأى أنّ مساعدة المعارضين السوريين «ستساعد على الخروج من المأزق ووضع حدّ لنظام (بشار) الأسد»، موضحاً أنّ الأمر يتعلق بـ«رأي شخصي».
وعلى صعيد «القصف الكيميائي»، قالت بريطانيا إنّ التقارير الواردة عن شنّ هجوم بهذه الأسلحة يعزّز الدعوة إلى تخفيف حظر على الأسلحة يفرضه الاتحاد الأوروبي على سوريا، وحذرت من أنّ التقاعس عن تخفيف الحظر قد يؤدي إلى مجازر على النحو الذي شهده العالم في البوسنة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام البرلمان «الرئيس الفرنسي وأنا نشعر بالقلق وبأننا ينبغي ألا نكون مقيدين لشهور وشهور قادمة، في حين لا نعرف بدقة ما قد يحدث في سوريا، بما في ذلك التقارير التي تثير قلقاً بالغاً عن استخدام أسلحة كيميائية».
وأضاف كاميرون «شعرت (عندما) كنت أجلس في قاعة المجلس الأوروبي بوجود قدر من التشابه بين الآراء التي تدعو إلى عدم إرسال المزيد من الأسلحة إلى سوريا والمناقشات التي دارت بشأن البوسنة والأحداث المروعة التي أعقبت ذلك». لكنه قال إنه لا يزال يتعيّن على بريطانيا أن تساعد في بناء معارضة سورية «مشروعة وموثوقة».
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنّه لن يكون هناك تغيير على الأرض في سوريا إذا لم تتغير موازين القوى. وتابع «عندما ننظر إلى الوضع اليوم... الأسد يرفض الرحيل لأنه يمتلك سيطرة جوية تمكنه من قصف المقاومة عشوائياً، بينما تستند روسيا إلى هذا الرفض». وأضاف أنّ الأخطاء التي ارتكبت في ليبيا عندما سمح بانتشار الأسلحة في أنحاء المنطقة بعد سقوط القذافي لن ترتكب في سوريا.
من ناحيته، قال السفير الأميركي السابق لدى دمشق، روبرت فورد، إنّه لا يوجد دليل حتى الآن يدعم التقارير عن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا. وأضاف، في شهادة أمام مجلس النواب الأميركي في جلسة بشأن الأزمة في سوريا، أنّه ستكون هناك عواقب على الحكومة السورية إذا ثبت استخدامها هذه الأسلحة.
موسكو، على لسان نائب وزير خارجيتها غينادي غاتيلوف، رأت أنّه ليس هناك «أدلة دامغة» على استخدام أسلحة كيميائية. ورأت أنّ «قصة استخدام أسلحة كيميائية يجب أن تخضع لتحقيق دقيق».
في السياق، قال السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، إنّ سوريا طلبت من الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون بدء تحقيق مستقل في مسألة شنّ هجوم بأسلحة كيميائية من جانب «جماعات إرهابية» قرب مدينة حلب.
من جهته، دان «الائتلاف» المعارض، في بيان، «هذا الهجوم اليائس»، محمّلاً النظام السوري «المسؤولية الكاملة» عنه، ومطالباً «بفتح تحقيق دولي وإرسال لجنة تحقيق تزور الموقع». وأكد «استعداد الحكومة السورية المؤقتة» لاستقبال «لجنة التحقيق الدولية على الأرض السورية، مع ضمان دخول آمن لمعاينة الموقعين وإجراء التحقيق».
بدوره، اتهم الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، المعارضة السورية باستخدام أسلحة كيميائية، معتبراً أنّه «عمل غير إنساني». وأضاف أنّ «الدول التي تدعم (مقاتلي المعارضة) ستكون المسؤولة الرئيسية عن هذه الأعمال إذا تكررت».
في المقابل، أكّد وزير الاستخبارات والشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، يوفال ستاينتز، أنّه تم استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، سواء من قبل الحكومة أو المتمردين. وقال للإذاعة العسكرية «هذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لنا، وسنتعامل معه بشكل طارئ».
في سياق آخر، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي، مع المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي الوضع في سوريا. وأفادت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، بأنّ الطرفين ناقشا الملف السوري «في ضوء التوجه داخل المعارضة السورية في الخارج وجامعة الدول العربية إلى رفض الحوار مع الحكومة السورية، على الرغم من الاتفاقات المذكورة في بيان جنيف».
في غضون ذلك، حذّر العاهل الأردني عبدالله الثاني، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، من إمكانية تحوّل سوريا إلى «قاعدة إقليمية للجماعات المتطرفة». وأشار إلى إمكانية «تفكك سوريا بصورة تؤدي إلى صراعات طائفية في جميع أنحاء المنطقة، وتستمر لأجيال قادمة».
من ناحية أخرى، قال حاكم المصرف المركزي السوري، أديب ميالة، إنّ الحكومة أعدّت خطة لتعويض التراجع في الليرة السورية التي فقدت نحو 120 في المئة من قيمتها. من جهته، أشار رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي إلى أنّه «رغم التحديات الاقتصادية الراهنة، فإن لدينا احتياطياً استراتيجياً من القطع الاجنبي».
إلى ذلك، أعلنت ألمانيا استعدادها لاستقبال 5 آلاف من اللاجئين السوريين الإضافيين في الأشهر القليلة المقبلة. وقال وزير الداخلية، هانس_بيتر فريدريش، إنّ برلين ستمنح اللجوء لثلاثة آلاف سوري حتى شهر حزيران كأبعد حدّ، يليهم 2000 آخرون في وقت لاحق.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، سانا)