قد يكون قرار تعيين ولي العهد البحريني، الأمير سلمان بن حمد، الاختراق الذي انتظرته الأزمة البحرينية منذ أكثر من عامين. لقد بات للوجه المحبب لدى المعارضة والغرب على حدّ سواء صلاحيات تنفيذية. لقد أصبح بمقدور ولي العهد الليبرالي، الذي يُقال إنه يقود التيار الإصلاحي في مقابل تيار «الخوالد» المتشدّد، أن يشارك في طاولة الحوار كممثل للملك، وهذا مطلب أساسي للمعارضة.
لقد أصبح الأمير سلمان، صاحب مبادرة الحوار التي أنتجت ورقة المنامة في الشهر الثاني من الانتفاضة قبل أن تُطيحها الحملة الأمنية بقيادة التيار المتشدّد وتعزله، سلطة إصدار القرارات وتنفيذها. فعلياً، لقد أصبح الأمير رئيساً للحكومة حاملاً صلاحياته، بما أنّ رئيس الحكومة الحالي خليفة متقدّم في السنّ وغالبه المرض.
اجتماع مجلس الحكومة يوم الأحد المقبل، سيوضح هذه الصورة أكثر، وسيبين إن كان القرار الملكي هو خطوة فعلية باتجاه تغيير ما يأتي نتيجة الضغوطات الغربية. وفي بيان مقتصب، أوردت وكالة الأنباء البحرينية أنه «صدر عن الملك حمد بن عيسى آل خليفة مرسوم رقم (14) 2013، بتعيين صاحب الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلـى نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء لتطوير أداء أجهزة السلطة التنفيذية».
المحامية جليلة السيد تؤكّد لـ«الأخبار» أنّ صلاحيات النائب الأول لرئيس الحكومة غير معروفة، وأن التعيين يكون بقرار ملكي «فالملك يحق له تعيين من يشاء رئيساً للحكومة أو نائباً أول أو ثانياً أو ثالثاً».
لكن النائب السابق في جمعية «الوفاق»، علي الأسود، يؤكّد أن النائب الأول يتمتع بصلاحيات رئيس الحكومة كاملة في حال غيابه. ومن الناحية العملية، يملك أن يخاطب الوزراء ويصدر التعليمات. ويقول إنّ جلسة الحكومة المرتقبة الأحد وحضور ولي العهد لها بصفته نائب أول ستوضح أهمية هذا القرار. ويلفت الى أنّ رئيس الحكومة الحالي غير قادر، من الناحية الصحية، على إدارة الحكومة، وأن رئاسته عادة ما تكون شكلية. وتُدار الحكومة من قبل أربعة شخصيات (خالد بن عبدالله ومحمد بن مبارك وجواد العريض والشيخ حسام بن عيسى)، أما خليفة فيحضر عند أخذ الصورة التذكارية.
وفي هذا الإطار، يقول النائب السابق إنّ رئيس الحكومة بات في الآونة الأخير غير قادر حتى على طلب موزانة خاصة، وهو ما حصل مع موازنة المحرق، «وعندما كان خليفة يطلب موازنة خاصة كان يتوقع أن يرفضها وزير المالية الشيخ أحمد».
مع ذلك، يشير الأسود الى إشكالية الجمع بين منصب ولاية العهد ورئاسة الحكومة، لأنّ ذلك يحصنه من المساءلة، وهو يعتقد أنّ الأخير لا يرغب في رئاسة الحكومة، لذلك على الأرجح أن يكون القرار خطوة تمهيدية باتجاه التغيير.
وعن تأثير هذا القرار على الحوار الوطني الجاري، يقول إنّ «ولي العهد بات له سلطة تنفيذية، واذا ما شارك في طاولة الحوار، فانه سيكون ممثلاً للملك، وهو ما تطلبه المعارضة».
ويشير الأسود الى أنه يجب النظر الى أن هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع مجموعة أحداث هامة: مع زيارة وزير الدولة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أليستر بيرت الى المنامة، وهي هكذا تدل على استجابة لضغوط دولية. وقبل سباق «الفورمولا 1»، وهي بذلك تهدف الى تعزيز موقع ولي العهد، في ظل تراجع المشاريع الاقتصادية التي يقودها من خلال ترؤسه لمجلس التنمية الاقتصادية. إضافة تزامنها مع الحوار الوطني، الذي تضغط الدول الفاعلة كي تكون مخرجاته فاعلة.
من جهة ثانية، تؤكّد مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أنّ هذا القرار يحمل تحديات لولي العهد ويضعه في الواجهة، ويعطيه في الوقت نفسه فرصة لإثبات نفسه في موقع المسؤولية، وخصوصاً أنّه «كان دائماً يردّ على انتقادات المجتمع الدولي للانتهاكات التي تحصل في البحرين بقوله إنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً بما أنه لا يملك صلاحيات، أما اليوم فبات له سلطة تنفيذية».
وتعتبر المصادر نفسها أنّ القرار يعتبر اختراقاً لصلاحيات رئيس الحكومة بطريقة مخملية ناعمة، وتمهيداً لتغيير قادم، ليس بالضرورة أن يتبوأ فيه ولي العهد منصب رئاسة الوزراء. في جميع الأحوال، الاجتماعات المقبلة، على طاولتي الحوار الوطني ومجلس الوزراء، ستحدّد أكثر ملامح هذا التغيير.