عدن | لم يكن مفاجئاً سقوط 7 قتلى وعشرات الجرحى في مدينة عدن، جنوب اليمن، جراء اصرار أنصار الحراك الجنوبي على الدخول إلى ساحة العروض، حيث تجمع «شباب الثورة السلمية» الذين يتقدمهم أنصار حزب التجمع اليمني للاصلاح للاحتفال بمرور عام على تولي عبد ربه منصور هادي الرئاسة أمس. فمنذ أيام بدا واضحاً أن المدينة تتجه لتشهد حالة اشتباك في ظل اصرار الطرفين على حشد أنصارهما في ساحة العروض، فضلاً عن استفزاز السلطات لمؤيدي الحراك من خلال تنفيذ عمليات اعتقال لعدد من قياداته واطلاق نار تعرض له زعيم الحراك حسن باعوم أول من أمس في أثناء توجهه إلى عدن.
ووسط حالة الاحتقان، بدأ الحراك الجنوبي منذ أول من أمس بحشد أنصاره من مختلف المحافظات الجنوبية للتظاهر في عدن بمناسبة ما اعتبرها الذكرى الأولى لإفشال الانتخابات الرئاسية بعدما قاطع الجنوبيون العام الماضي الانتخابات.
كذلك اتخذ الحراك قراراً بافشال المهرجان الاحتفالي بذكرى تولي هادي الرئاسة مهما كلف الأمر من ثمن، وخصوصاً أنه أقيم في ساحة العروض التي يعتبرها ساحته، نظراً لأن أول مهرجان للحراك انطلق منها في عام 2007. كما أنه يريد تفويت أي فرصة لاظهار أن عدن مع الوحدة.
لكن مع أولى محاولات أنصار الحراك الدخول إلى ساحة العروض أمس اصطدموا بقوات الأمن والجيش التي أطلقت الرصاص الحي بشكل كثيف على كل من حاول الاقتراب من الساحة، وهو ما تسبب بمصرع ما لا يقل عن خمسة أشخاص وإصابة أكثر من ثلاثين معظمهم إصابتهم خطيرة، فيما سجل مقتل شخصين في الضالع.
وتحدث الناشط في الحراك محمد علي اليافعي، عن عملية استفزاز منظمة لأنصار الحراك منذ أول من أمس من قبل القوات الأمنية تمد الحراكيون تجاهلها. وأضاف «اليوم توجهنا إلى ساحة العروض لكن مصفحات الجيش أطلقت علينا الرصاص بكثافة وقتلت وأصابت العديد منا، ونتيجة لكثافة إطلاق الرصاص تفرقنا ولم نستطع دخول الساحة».
وفيما وجه أنصار الحراك الجنوبي اصابع الاتهام لحزب التجمع اليمني للاصلاح والأمن بالتسبب في ما جرى أمس لاصرارهم على اظهار أن عدن وحدوية، نفى رئيس الدائرة السياسية للإصلاح عبد الناصر باحبيب مسؤوليت حزبه. وأكد لـ«الأخبار» أن الاحتفال في ساحة العروض كان رسمياً وشعبياً تولت الإعداد له رئاسة الوزراء اليمنية والمحافظة وحضره وزير الخدمة المدنية نبيل عبده شمسان ممثلاً عن رئاسة الجمهورية. وفيما أقر بأن تكتل «شباب الثورة السلمية» الذي يشكل الاصلاح أحد أبرز قواها كان الأكثر مشاركة في الاحتفال، أوضح أن المهرجان أقيم لاحياء تحقيق أول وأهم هدف من أهداف الثورة اليمنية المتمثل في اسقاط رأس النظام علي عبد الله صالح.
ورفض باحبيب حديث أنصار الحراك عن أن ساحة العروض تعود للحراك، مؤكداً أنها ساحة تتبع للدولة وليست حكراً على أي طرف، مبدياً أسفه لعدم مشاركة الحراك في الاحتفال الذي وصفه بالانتصار للقضية الجنوبية نظراً لكون الجنوبيين «رواد الربيع العربي وأول من بدأ النضال ضد الطاغية صالح».
مراقبون وصفوا التصعيد الذي شهدته مدينة عدن بـ«التصعيد الخطير». واعتبروا أنه يأتي لنقل الصراع من صنعاء إلى عدن ومحاولة لإفشال مؤتمر الحوار واستفزاز الحراك الجنوبي الذي تسعى الأطراف الدولية إلى اقناعه بالدخول في الحوار.
ورأى المحلل السياسي احمد حرمل، أن ما حدث بمثابة دليل قاطع على أن توريث العقلية أخطر من توريث الحكم. وأضاف «صالح كان يحتفي بعيد جلوسه على أشلاء ودماء الجنوبيين وها هو هادي يكرر الأمر نفسه».
من جهته، اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة النهضة السلفية، علي الاحمدي، أن سقوط العشرات في سبيل إقامة السلطة لفعالية رمزية يدل على مستوى المأزق والتخبط الذي تعيشه السلطة. وأشار إلى أن الإصرار على الاحتفال بترسيخ الوحدة اليمنية في مدينة عدن استفزاز واضح لمشاعر الجنوبيين.