من المقرر أن يتوجه أكثر من خمسة ملايين ناخب إسرائيلي اليوم إلى صناديق الاقتراع، لاختيار 120عضواً للكنيست التاسع عشر في تاريخ الكيان الإسرائيلي، يتم خلالها إعادة إنتاج الخارطة الحزبية والسياسية. ويتنافس في الانتخابات 34 قائمة تنتمي إلى معسكرات إيديولوجية وسياسية ومصلحية متقابلة ومتنافسة، وسط تقديرات ترجّح إعادة فوز معسكر اليمين، وتكليف بنيامين نتنياهو بتأليف الحكومة المقبلة.
ورغم الفارق الكبير بين عدد القوائم المتنافسة، وعدد كتل الكنيست الحالي (14) كتلة، لكن هذه الظاهرة مألوفة في الساحة الإسرائيلية، حيث تتكاثر الأحزاب والكتل عشية كل انتخابات عامة، مع أن الكثير منها لا يصل إلى الكنيست، ويغيب عن الساحة إلى حين موعد الانتخابات المقبلة. لكن من أبرز ما يُميِّز الحملة الانتخابية الحالية، هو عدم وجود منافس حقيقي لبنيامين نتنياهو في تولّي منصب رئاسة الحكومة المقبلة، وخصوصاً أن معسكر اليمين العلماني والديني لا يزال يحافظ على غالبية تسمح له بتأليف الحكومة من دون مشاركة أي من أحزاب وكتل الوسط واليسار.
وعلى الرغم من أن الساحة الإسرائيلية شهدت سلسلة من الاندماجات والتكتلات والانشقاقات وانتقال أفراد من حزب إلى آخر، واعتزال قيادات وعودة آخرين إلى الحياة السياسية الحزبية، فإن الصدارة تبقى لقرار توحيد قائمتي حزبي «الليكود» و«إسرائيل بيتنا»، الذي يهدف نتنياهو من ورائه إلى ضمان تأييد رئيس «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، تولّيه رئاسة الحكومة المقبلة.
من جهته، يخوض حزب «الليكود» الانتخابات المقبلة بقائمة أكثر يمينية، تمخّضت عنها نتائج الانتخابات الداخلية التي أدّت إلى فوز الشخصيات الأكثر تطرّفاً في مواقفهم السياسية والإيديولوجية، وإسقاط العديد من المرشحين «المعتدلين»، من أمثال دان مريدور وبني بيغن، رغم دعم نتنياهو لهم. ومن متطرفي القائمة، رئيس معسكر «قيادة يهودية» موشيه فايغلين الذي بذل نتنياهو جهوداً كبيرة في مراحل سابقة بهدف منعه من احتلال موقع يسمح له بالوصول إلى الكنيست.
بالنسبة إلى حزب «العمل»، لا يزال يحتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي بعد كتلة «الليكود _ بيتنا»، مع وجود فارق كبير بينهما يبعده عن كونه منافساً جدّياً لها. لكن استطلاعات الرأي أظهرت تراجعاً ملحوظاً في المقاعد التي كانت تتوقعها له منذ بداية الحملة الانتخابية، من 25 مقعداً إلى ما بين 16 و18 مقعداً.
أما حزب «البيت اليهودي»، الذي يرأسه نفتالي بينيت، فقد تمكن من سلوك مسار تصاعدي على مستوى جذب شريحة مهمة من الجمهور اليميني، وتحديداً من حزب «الليكود»، وسبّب تراجعه في الاستطلاعات من 42 مقعداً، مع بداية نشوء التكتل مع «إسرائيل بيتنا»، إلى 32 مقعداً، وفق آخر استطلاع للرأي يوم الجمعة الماضي. ونتيجة ذلك، تحول «البيت اليهودي» إلى هدف أساسي لحملة «الليكود» ونتنياهو الذي لم يعدم وسيلة للتوجه إلى الجمهور اليميني يحذره فيها من إمكانية حصول الحزب الحاكم على عدد قليل من المقاعد، وهو يمكن أن يتركه على عملية صناعة القرار السياسي بسبب التوازنات التي ستتشكل داخل الحكومة. لجهة حزب تسيبي ليفني «الحركة»، رغم الرهانات التي واكبت الحديث عن عودتها إلى المنافسة في الانتخابات المقبلة، لم تتمكن من أن تُشكِّل منافساً جدياً لـ«الليكود»، إذ تتراوح المقاعد التي تقدّر استطلاعات الرأي نيلها بين 8 إلى 10 مقاعد. لكن جلّ ما تمكنت من تحقيقه هو جذب قيادات حزبية وكتل ناخبة تنتمي إلى معسكر الوسط، في حين أن استبدال نتنياهو، وإحداث تغيير في موازين الانتخابات المقبلة، لن يتمّا من دون جذب أصوات من معسكر اليمين إلى معسكر الوسط واليسار. حزب «ييش عتيد (يوجد مستقبل)»، الذي يرأسه يائير لابيد، لم يتمكن بدوره، كسائر الأحزاب المحسوبة على الوسط، من أن يشكّل جهة قادرة على جمع جمهور الوسط واليسار، وأن يكون منافساً لنتنياهو، رغم محاولته مغازلة الجمهور اليميني ومحاولة استقطاب الشرائح المعترضة على الامتيازات التي يتمتع بها الحريديم.
وبالنسبة إلى حزب «كديما» الذي احتل المرتبة الأولى في انتخابات الكنيست الحالي، بنيله 28 مقعداً في 2009، فهو يصارع للتمكن من البقاء في الكنيست ولو بعدد محدود جداً. ونتيجة تردّي مكانته الشعبية، شهد انشقاقات وانسحابات.
أما حزب «شاس» الحريدي الشرقي، فهو يحافظ، بحسب استطلاعات الرأي، على مكانته الحالية تقريباً (نحو 11 مقعداً). وعلى الرغم من التوصل إلى صيغة تحفظ وحدته وتقنع قادته المتنافسين بالتعايش وتوزيع الأدوار والمناصب، تتغلغل حرب المعسكرات بين رئيسه السابق ارييه درعي (العائد إلى أحضان شاس) ورئيسه الحالي إيلي يشاي، في كل مكان في الحزب، وتُشغل الجميع.
بطاقة تعريف انتخابية
تُجري إسرائيل انتخاباتها البرلمانية بصفة عادية كل أربع سنوات، إلا أنه يمكن إجراء انتخابات مبكرة في إحدى الحالات الآتية: حل الكنيست نفسه بقانون يُصدّق عليه في قراءات ثلاث، كما حصل مع الكنيست الحالي، أو حلّه من قبل رئيس الحكومة، وفي حالة عدم التصديق على الموازنة بعد مرور ثلاثة أشهر على رأس السنة المالية، وفي حال تعذر تأليف الحكومة.
ويختار الناخبون ممثليهم في الكنيست مباشرة وفق نظام تمثيل نسبي ودائرة واحدة. ويجري الاقتراع وفقاً لنظام القائمة المغلقة، تختلف طريقة اختيار أعضائها من حزب إلى آخر. ولا يحق لأي قائمة حصلت على أقل من 2 في المئة من الأصوات دخول الكنيست، وهو ما يعرف بـ«نسبة الحسم». ويُحدِّد كل حزب أو تكتل ترتيب المرشحين على قائمته، ويفوز بالمقعد المرشحون الذين يحتلون المراتب الأولى في القائمة، وفقاً لنسب الأصوات التي حصل عليها الحزب في الانتخابات.
ويحق لجميع القوائم دخول السباق الانتخابي باستثناء تلك التي «تنكر كيان دولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي، كما تنكر الطابع الديموقراطي للدولة وتحرّض على العنصرية والعنف». ويمنح قانون دولة الاحتلال كل من تخطّى 18 عاماً ويحمل الجنسية الإسرائيلية حق التصويت. ويُمنح كل من تجاوز 21 عاماً حق الترشح في القوائم الحزبية.
وبعد إعلان النتائج، يكلّف رئيس الدولة أحد أعضاء الكنيست، بعد إجرائه مشاورات مع الكتل النيابية، بتأليف الحكومة، وعادة ما يكون رئيس الكتلة هو الشخص المكلف.