بغداد | كشفت مصادر في الحكومة العراقية أن استعدادات عالية المستوى تجري للاجتماع المرتقب في بغداد، هذا الشهر، والذي يُتوقع أن يضمّ مسؤولين سوريين وأتراكاً، لمناقشة الخطوات الأولى للاتفاق على تسوية للأزمة المستمرة منذ سنوات بين البلدين، بما يشمل مشكلة الأمن الحدودي، وقضية أحزاب المعارضة في شمال وشرق نهر الفرات، فضلاً عن الخلافات المتفاقمة في إدلب. وقالت المصادر، لـ«الأخبار»، إن «هناك اهتماماً خاصاً بالاجتماع المرتقب، من قبل الحكومة العراقية ووزارة الخارجية وعدد من السياسين الذين يتمتّعون بعلاقات متينة مع تركيا أو سوريا، والذين يأملون إقناع الطرفين بالتوصل إلى حلول للمشكلات العالقة بين البلدين، عبر الجلوس على طاولة واحدة في بغداد»، متوقّعةً أنه «انفراجة قريبة في العلاقات، نظراً إلى فاعلية الدور العراقي في الوساطة وتقريب وجهات النظر». وأشارت المصادر إلى أن «أطرافاً عدة ستشارك في الاجتماع، وليس فقط سوريا وتركيا، قد تكون من بينها روسيا وإيران»، مؤكدة أن «الجهود الديبلوماسية العراقية لاقت ترحيباً من قبل روسيا والصين وإيران». وأوضحت أن «الاجتماع سيكون سرياً وبعيداً عن الإعلام»، مضيفة أن «الجانب السوري أكثر ترحيباً بهذه الخطوة». ورغم أن «أنقرة لديها شروط أمام قبول عودة العلاقات إلى مسارها السابق تتعلق بأمن حدودها»،
إلا أن الأحداث التي شهدتها مدينة قيصري التركية القريبة من الحدود السورية، والتي شملت اعتداءات على لاجئين سوريين وإحراقاً لمحالهم التجارية، وما تبعها من احتجاجات نُظمت في الشمال السوري على تلك الأحداث، أصبحت تضغط بشكل كبير على الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، للتوصل إلى حل مع دمشق، خصوصاً أنه لا يظهر أن ثمة طريقاً ثانياً لدى الأخير لحل مشكلة اللاجئين السوريين في بلاده، وكذلك مسألة المسلحين الأكراد.
أطراف عدّة ستشارك في الاجتماع قد تكون من بينها روسيا وإيران


ومنذ أشهر، يجري رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، اتصالات مكثفة مع الرئيس السوري، بشار الأسد، وإردوغان، لغرض جمع الطرفين المتخاصمين على طاولة واحدة، تمهيداً لترميم العلاقة المتأزمة بين البلدين منذ عام 2011. وألمح الأسد وإردوغان، في أكثر من مناسبة، إلى أنهما منفتحان على جميع المبادرات التي تسعى إلى استعادة العلاقات بين البلدين، فيما أبدى الرئيس التركي، قبل أيام، استعداده للقاء الأسد، مؤكداً أن «بلاده لا يمكن أن يكون لديها أبداً أي نية أو هدف مثل التدخّل في الشؤون الداخلية لسوريا».
وفي هذا السياق، يرى عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي، حيدر السلامي، أن «التحضير لاجتماع يهدف إلى التقريب بين سوريا وتركيا المتخاصمتين منذ سنوات، خطوة مهمة جداً»، معرباً، في حديث إلى «الأخبار»، عن اعتقاده بأن «أي محاولة لجمع أطراف متخاصمة ومتفرقة، هي نجاح وفضل للطرف الذي جمعهم. ولذا، يُعتبر العراق من البلدان التي لها دور إيجابي في جمع الأطراف المتنازعة، فضلاً عن أن ذلك يعطي صورة لتعافي العراق وقوته في أخذ مكانته الحقيقية». ويلفت إلى أنه «بحكم التجارب السابقة للعراق التي استطاع فيها تقريب وجهات النظر بين طهران والرياض وغيرهما، فإننا نشعر بتفاؤل بالتوصل إلى حلول بين سوريا وتركيا»، داعياً «الأطراف المتخاصمة إلى المرونة وعدم الإصرار على الخلاف الذي يسبّب تدهور الوضع الأمني والاقتصادي لكل البلدان المجاورة لسوريا ومنها العراق». ويعتبر أن «سوريا لديها مرونة مع المبادرات التي تصب في مصلحتها، خصوصاً أن العراق هو المتبنّي للمبادرة، فلهذا ستتفاعل معه، بينما إقناع تركيا أكثر صعوبة، كونها تخشى على أمنها وحدودها، ولديها أهداف».