على وقع اقتراب العملية العسكرية في رفح من نهايتها، انعقد، مساء أمس في تل أبيب، اجتماع لـ«تقييم الوضع الأمني في الجنوب»، حضره رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، إضافة إلى قادة الأذرع في الجيش، وقادة المنطقة الجنوبية، ومسؤولي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. ومن المتوقّع أن يكون قد تمّ، خلال هذا الاجتماع، اتخاذ قرارات بشأن الانتقال الى «المرحلة الثالثة» من الحرب على قطاع غزة، حيث «من المنتظر أن تعلن إسرائيل خلال الأيام المقبلة انتهاء العملية في رفح، وهذا يعني الانتقال إلى الاجتياحات المحدودة والقصف الجوّي المركّز»، بحسب «القناة 13»، فيما قالت قناة «كان» إن «الجيش والمنظومة الأمنية يدفعان المستوى السياسي إلى اتخاذ قرار حول «اليوم التالي»، قبل انتهاء العملية العسكرية في رفح».ومن رفح، أطلق غالانت، أمس، تصريحات تمهيدية للانتقال إلى المرحلة الثالثة؛ إذ قال إن «حركة حماس تعرّضت لضربة قاسية، وهي غير قادرة على استعادة قدراتها»، مضيفاً: «نصل إلى أماكن لم تحلم حماس بأن نصل إليها». وبخصوص المرحلة المقبلة، أكّد «مواصلة الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة بناء قدراتها من جديد». كما تطرّق إلى العملية الجارية في رفح، معتبراً أن «القتال هناك أمر مهم للغاية، وقد نجحنا في إغلاق معبر رفح والأنفاق أمام حماس». لكنّ المدير العام لـ«قادة أمن إسرائيل»، والنائب السابق لرئيس الأركان، العقيد إيتمار يائير، اعتبر أن «هناك حرب عصابات تجري هناك (في غزة)، ويمكن أن تستمرّ لسنوات عديدة». وأضاف يائير، في مقابلة إذاعية، أنه «طالما أن قواتنا موجودة في قطاع غزة، سيتمّ شنّ حرب عصابات ضدّنا، وهو أمر خطير للغاية في نظري». وأشار يائير إلى «الحاجة إلى إيجاد حلّ يسمح للجيش الإسرائيلي بمغادرة غزة، بينما تدخل قوات أخرى»، لكن «طالما أن نتنياهو لا يعلن أننا لن نستمرّ في الحكم هناك لفترة طويلة، ومن سيحكم غزة سيكون كياناً فلسطينياً، فسنبقى في غزة». وختم قائلاً: «هل تستطيع الحكومة الإسرائيلية التعامل مع حرب العصابات؟ الجواب نعم. هل له ثمن باهظ؟ الجواب نعم».
حرب العصابات في غزة يمكن أن تستمرّ لسنوات عديدة


سياسياً، نقلت «القناة 13» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، أول من أمس، أن تل أبيب تراقب إمكانية حصول تغيير في موقف حركة «حماس» في المفاوضات، في ظلّ التعديلات التي تروّج لها واشنطن، على مقترح الاتفاق الذي كان قد عرضه الرئيس جو بايدن على أنه مقترح إسرائيلي. لكن، مع ذلك، «لا تفاؤل خاصّاً في إسرائيل إزاء ما قد تسفر عنه الخطوة الأميركية»، بحسب القناة. واعتبر المسؤول الإسرائيلي أنه «إذا وافقت حماس على الصياغة الجديدة التي قدّمتها الولايات المتحدة فسوف يسمح ذلك بإتمام الصفقة»؛ إذ «لا تعتزم تل أبيب الاعتراض على التعديلات الأميركية». وبحسب موقع «واللا» العبري، فإن الجزء الذي تعتزم إدارة بايدن تعديله، «يتعلّق بالمفاوضات التي من المفترض أن تبدأ خلال تنفيذ المرحلة الأولى، من أجل تحديد شروط الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق». ووفقاً لتقرير الموقع، فإن الأميركيين «صاغوا من جديد البند الـ8 من أجل سدّ الفجوة بين إسرائيل وحماس، ويضغطون على قطر ومصر للضغط على حماس لقبول المقترح الجديد»، فيما كشفت «القناة 11»، نقلاً عن مصادر مطّلعة، أن «إدارة بايدن تعتزم عقد اجتماع وجاهي بمشاركة الوسطاء خلال الأيام المقبلة، في محاولة للتوصّل إلى حلول وسط». كما ذكرت أن «المقترح الأميركي المعدّل قُدّم إلى الوسطاء بالتنسيق مع إسرائيل».
وعلى صعيد موازٍ، رفضت مصر مقترحات إسرائيلية - أميركية، تضمّنت نقل معبر رفح من مكانه الحالي إلى موقع آخر أقرب إلى معبر كرم أبو سالم، بما يؤمّن لإسرائيل سيطرة على المعبر، الذي سيديره فلسطينيون، على أن تضمن إسرائيل بناء المعبر الجديد وتجهيزه في أسرع وقت، لتجري إعادة تفعيل حركة المسافرين، على الأقل خروجاً من القطاع خلال الوقت الحالي. وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن المقترح الإسرائيلي مرتبط بالنقاشات التي تجريها تل أبيب حالياً، حول «اليوم التالي»، وهو جاء «في ظل تمسّك مصر بموقفها المتمثل في رفض تشغيل معبر كرم أبو سالم للأفراد، باعتبار أن الأمر سيخلق وضعاً قائماً يُستعاض به عن إعادة فتح معبر رفح».
كذلك يجري بحث الوضع العسكري في محور فلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، في الاجتماعات التي تجري بشكل شبه يومي لـ«اللجنة العسكرية المشتركة»، والتي يشارك فيها مسؤولون عسكريون أميركيون، فضلاً عن المصريين والإسرائيليين. وبحسب مصادر مصرية، فقد «أبلغت إسرائيل المعنيين أنها بصدد إقامة منطقة عازلة في محور فيلادلفيا، بما يسمح لقواتها بالدخول إليه والخروج منه، بعد الانتهاء من العملية العسكرية في رفح». وفيما لا يزال الموقف المصري رافضاً لفكرة المنطقة العازلة، فإن التوجّه الإسرائيلي يلقى دعماً أميركياً واضحاً.