غزة | في الوقت الذي توقّع فيه الفلسطينيون أن يردّ جيش الاحتلال الإسرائيلي على إطلاق صاروخ من غزة تجاه المستوطنات القريبة من القطاع وتحديداً مستوطنة «ناحال عوز"» بقصف مواقع للمقاومة، امتنع العدو عن ذلك، وهو ما برّرته الأوساط الإسرائيلية بأن اهتمامات الحكومة تنصبّ حالياً على تمرير الإصلاحات القضائية. ومع هذا، رفعت المقاومة من درجة تأهّبها، وسط تحذيرات من عودة الاحتلال إلى سياسة الاغتيالات. وللمرّة الاولى منذ عامين، لم يردّ العدو على إطلاق صواريخ من غزة، الأمر الذي عزته أوساط مقربة من حكومة الاحتلال إلى ضغوط أميركية. إذ ثمّة طاقم أميركي موجود حالياً في تل أبيب، وهو على تواصل مع المصريين الذين كثّفوا جهود الوساطة الرامية إلى منع الانزلاق نحو جولة تصعيد جديدة في القطاع قبل شهر رمضان.وبحسب مصادر في المقاومة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن هناك مباحثات متواصلة مع المصريين منذ نهاية الأسبوع الماضي بهذا الشأن، حيث لا تزال الفصائل ترفض أيّ تهدئة مع الاحتلال في ظلّ استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية، مؤكدة للوسطاء أن تلك السياسات هي ما يفرض على المقاومة التدخّل لمنع العدو من تجاوز الخطوط الحمراء. وأفادت المصادر بأن الفصائل عزّزت احتياطاتها الأمنية خشية اتّخاذ جيش الاحتلال قراراً بردّ مفاجئ على عملية إطلاق الصاروخ الأخيرة، أو العودة إلى سياسة الاغتيالات تجاه عناصر المقاومة وقادتها، مبيّنةً أنه على رغم استبعاد هذا السيناريو لما يستتبعه من تبعات كبيرة على العدو، إلا أن المقاومة تأخذ جميع الاحتياطات. وفي الإطار نفسه، أكد القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، داوود شهاب، في تصريحات صحافية، أن الصراع مع الاحتلال «مفتوح وطويل»، وأن «العدو يدرك أن اللعب بالنار مع غزة لن يكون مجانياً»، مضيفاً أن «على العدو أن يدرك أن تل أبيب ستكون تحت نيران المقاومة في حال نفذ أي عملية اغتيال في القطاع ضد أي من أبناء شعبنا أو القيادات في الداخل أو الخارج». واعتبر تصريحات الاحتلال بشأن غزة «محاولة للهروب من جحيم العمليات الفدائية وصلابة المقاومة في الضفة»، محذّراً من أن «المواجهة مع غزة ستزيد المقاومة في الضفة اشتعالاً».
لا تزال الفصائل ترفض أيّ تهدئة مع الاحتلال في ظلّ استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية


في المقابل، برّر ضابط كبير في جيش الاحتلال، في حديث إلى موقع «واللا» العبري، عدم الردّ على إطلاق الصاروخ، بالقول إن «الظروف لم تسمح بذلك»، متوعداً بـ«(أننا) سنضرب قطاع غزة في الوقت المناسب». وأثار هذا «التلكّؤ» انتقادات حادّة للحكومة والجيش، إذ اعتبر يارون أفراهام، المعلّق العسكري في «القناة الـ12» العبرية أن «المعادلة القائمة وهي (هجوم بهجوم) قد كُسرت»، فيما أشار المعلّق ألموغ بوكير من «القناة الـ13»، إلى أن الجيش لم يردّ أيضاً على إطلاق نيران رشاشة الأسبوع الماضي، مضيفاً أن آلاف العمال دخلوا من غزة إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر. وتابع: «الجيش قال سنرد في الوقت المناسب. سجلوا عندكم هذا المبرِّر». وكان الوزير في حكومة الاحتلال عن حزب إيتمار بن غفير، عميحاي إلياهو، اعتبر أن المطلوب أولاً حل مشكلة الإصلاحات القضائية ثم التفرّغ لقطاع غزة، قبل أن يتراجع عن موقفه ويقول إن «ملفّ الأمن بيد الليكود... نحن نتصرّف بما هو تحت حكمنا ونضغط على الليكود للتحرّك بقوّة تجاه غزة... لكن أيضاً نحن نخوض حملة معقّدة ذات جبهات عدة، وحالياً نهتمّ بما في سلطتنا من ملفّات فقط، وليس الملفّات الأخرى».
وفي سياق هذا التجاذب أيضاً، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يواجه ضغوطاً هائلة، سواءً من بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وأوريت ستروك الذين يطالبونه بتصعيد عمليات الاقتحام والقمع ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وشرق القدس، أو من الإدارة الأميركية و«المجتمع الدولي» اللذين يدعوانه إلى تهدئة الأجواء وتفادي فقدان السيطرة مع اقتراب حلول شهر رمضان، الذي شهد قبل عامين مواجهة عسكرية مع قطاع غزة واشتباكات عنيفة داخل المدن المحتلة عام 1948، كما شهد العام الماضي عمليات قوية نفذها فلسطينيون من الضفة وأوقعت قتلى.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية في قطاع غزة إن المقاومة أطلقت، صباح أمس، عدداً من الصواريخ تجاه البحر، في إطار تجاربها لتطوير قدراتها الصاروخية.