لم يكن مفاجئاً ردّ فعل العدو الاسرائيلي الرافض للمبادرة الفرنسية، خصوصاً أن طرح مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية يتعارض مع المخطط الاسرائيلي المعتمد على الساحة الفلسطينية، والقائم على أساس الاستفراد بالسلطة، واتباع سياسة التسويف التي تهدف الى تكريس الامر الواقع بهدف المحافظة على استمرار الاحتلال والتوسع الاستيطاني.
مع ذلك، برر رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو رفضه للمبادرة الفرنسية، التي أتت على لسان وزير الخارجية لوران فابيوس، بالقول إنها «تحفّز الفلسطينيين على عدم قبول أي تسوية في المفاوضات تؤدي للتوصل إلى حل نهائي». ويعكس هذا الموقف مخاوف نتنياهو من أن مثل هذه المبادرات قد تفتح الآفاق أمام السلطة الفلسطينية وتعزز موقفها الرافض للسقف الذي تمليه إسرائيل لأي تسوية مفترضة.
ورأى نتنياهو أن «المفاوضات قائمة على مبدأ التسوية»، متجاوزاً التنازل الفلسطيني عن أغلب أراضي فلسطين التاريخية بعدما اعترفت بإسرائيل بناءً على اتفاقية أوسلو. ولكن من الواضح أن الإسرائيلي انتقل الى فرض سقف جديد للتسوية، ومن الناحية العملية يبدو أنه يتعامل كما لو أن الفلسطينيين أخذوا حصتهم المقررة من خلال الاعلان عن السلطة، مع إمكانية إحداث تعديلات تفصيلية هنا وهناك، وهو ما لا يختلف كثيراً عن الوضع القائم حالياً.
ومن أجل الالتفاف على الطرح الفرنسي، كان لا بد لرئيس حكومة العدو من تجديد دعوته إلى عقد مفاوضات جديدة بين السلطة وإسرائيل، وبهذه الخلفية أعرب عن استعداده «للدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة ودون شروط تملى علينا».
وعلى وقع التعامل الحذر للإدارة الاميركية مع المبادرة الفرنسية، التي قد يكون لها كلمة الفصل في تحديد آفاقها، عبر مسؤول في البيت الابيض، كما نقلت «إسرائيل اليوم» عن موقف واشنطن بالقول إنها لا تدعم الاعتراف الفرنسي بفلسطين كدولة، فـ«موقفنا هو تفضيل إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين من أجل التوصل الى تفاهمات حول الاتفاق الدائم». ومع ذلك لم ترفض الادارة فكرة عقد مؤتمر دولي للسلام، وقالت إنها ستناقش الموضوع مع الفرنسيين.
ورأى حزب المعسكر الصهيوني أن «من شأن مبادرة سياسية إسرائيلية فقط أن يبقي في أيدي إسرائيل السيطرة على مستقبلها ويخرجنا من الضغط الدولي المتعاظم حول أعناقنا. وما لم تُطرح مبادرة من جانبنا، فسيواصل الفلسطينيون تسجيل إنجازات». ورأى رئيس «يوجد مستقبل»، يئير لبيد، أن «إسرائيل لن تمضي نحو المفاوضات تحت التهديد. يجب أن نذهب وفق شروطنا». أما رئيسة حركة "ميرتس"، زهافا غلؤون، فاعتبرت رفض نتنياهو المبادرة الفرنسية مؤشراً على أن «كل حديثه عن الالتزام بحل الدولتين هو ليس أكثر من ضريبة شفوية وأكاذيب».
وتأتي هذه المواقف الإسرائيليّة بعدما صرّح فابيوس بأنّ فرنسا ستعزّز من جهودها لأجل تجديد المفاوضات بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين خلال الأسابيع المقبلة القادمة. وأضاف فابيوس أنّ «فرنسا ستعمل على عقد قمّة دوليّة بمشاركة أميركيّين وأوروبيّين وعرب، من أجل تحقيق حلّ الدولتين». وكشف فابيوس أنّه في حال فشل المساعي، فإنّ فرنسا ستعترف بدولة فلسطينيّة.
وعلى المستوى الاعلامي، ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن إسرائيل ترى أن المبادرة «مضرّة» و«تدعم الرفض الفلسطيني». ونقلت عن نتنياهو قوله إن «أبو مازن يقول إما كل شيء أو لا شيء، وهو في الواقع يقول كل شيء وليس لا شيء، وفي اللحظة التي تطرح فيها مبادرات تدعمه، فإنها تبعده عن المفاوضات، وهذا هو عكس ما يريدونه هنا».