بغداد | بعد أسبوع على حلول شهر رمضان، عادت الحياة شيئاً فشيئاً إلى العاصمة العراقية، بغداد، بعد أيام عجاف عاشتها على إيقاع مخاوف وصول «الدولة الإسلامية» إليها، الأمر الذي دفع البغداديين إلى لزوم مساكنهم، فأُقفلت المتاجر مع بدء ساعات المساء، واختفى معها مشهد الزحمة من الشوارع، وسط تشديد أمني رافقه قطع وسائل الاتصال الاجتماعي عن أغلب أحياء العاصمة.
ويمكن المتابع لتفاصيل الحياة في العاصمة أن يلحظ أن سكان بغداد استوعبوا الصدمة التي نتجت من سقوط مدن كبرى كالموصل وتكريت بأيدي المسلحين في غضون ساعات، مع طمأنات حكومية إلى قدرة الأجهزة الأمنية مدعومة بجيش المتطوعين على كبح جماح أي تحرك مسلح داخل العاصمة أو عند حزامها.
منطقة الكرادة، وسط بغداد، قد تكون مقياساً حياً لعودة الحياة، فالمتجول في أسواقها وشوارعها اليوم، لا يكاد يصدق أنها المنطقة ذاتها قبل أسبوعين، حين أجبر خوف السكان أصحاب المتاجر على الإقفال بعد ساعات الغروب، فضلاً عن انعدام حركة المتبضعين. والحال ينطبق كذلك على حيّ المنصور الراقي حيث «المولات» التجارية التي عادت لتستقبل زبائنها بوتيرة متصاعدة.
وعاد الصخب ليحتل المقاهي لمتابعة مباريات كأس العالم، وقد يكون سعيد الحظ من يجد له مقعداً للجلوس هناك. ويقول صاحب أحد المحال في وسط بغداد إنّ «حركة الزبائن بعد الإفطار قوية ولا تختلف عنها قبل أشهر»، فيما يؤكد أحد الزبائن: «مللنا الجلوس في البيت وسماع الأخبار بانتظار القادم المجهول». ويضيف لـ«الأخبار»: «قررت ومعي مجموعة من أصدقائي أن نكسر حاجز الخوف، وأن نمارس حياتنا الطبيعية وليكن ما يكون».
زبون آخر «يتحدى المسلحين»، ويقول: «لن يستطيعوا أن يفعلوا في بغداد ما فعلوه في الموصل، كل ما يستطيعون فعله هو تفجير سيارة هنا أو هناك».

عادت المطاعم والمقاهي
تضج بزائريها

ورغم أن البغداديين يفضلون عادة أن يفطروا في منازلهم على أن يخرجوا بعد الإفطار للترفيه أو زيارة الأقارب أو شراء حاجاتهم، إلا أن المطاعم هي الأخرى اكتظت بالصائمين خلال وقت الإفطار. ويقول صاحب مطعم «اللاذقية» معلقاً على حالة الخوف التي انتابت زبائنه خلال الأسابيع الماضية إنّ «الخوف والهلع سيطرا على الجميع، وكدت أغلق مطعمي بسبب المخاوف الأمنية وتراجع نسبة الزبائن إلى الصفر في بعض الأيام»، ويستدرك: «اليوم الحال تغيرت تماماً، وبدأت طلبات الزبائن تنهال علينا والعاملون يجاهدون لتلبيتها خلال وقت الإفطار، سواء داخل المطعم أو خارجه». ومع أن حظر التجوال الليلي المطبق في العاصمة منذ سنوات يبدأ سريانه عند الثانية عشرة عند منتصف الليل، فقد صدرت توجيهات من قيادة عمليات بغداد لنقاط التفتيش المنتشرة في شوارع وطرقات العاصمة بعدم التشدد، وغض النظر عن حركة السير بعد موعد الحظر الليلي. فيما كشف مصدر أمني رفيع لـ«الأخبار» أنّ «تعليمات صدرت عن مكتب القائد العام بتقليص ساعات الحظر لفسح المجال أمام الناس بالتجوال وبعث رسائل طمأنينة إلى سكان العاصمة».