غزة | يخيّم الإحباط على المستوى السياسي الفلسطيني في رام الله، بعد رَفْض الرئيس الأميركي، جو بايدن، تحريكَ ملفّ المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، فيما يخشى رئيس السلطة، محمود عباس، نهايةَ حقبته بفشلٍ على كل المستويات، وفي مختلف الملفّات السياسية التي تبنّاها وقادها خلال العقدَين الأخيرَين. وبحسب مصادر في السلطة الفلسطينية، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن عباس أبلغ مَن حوله أن زيارة بايدن كانت «صفراً كبيراً»، ولم تحقّق للفلسطينيين أيّ شيء، مستغرباً أنه لم يستطع أن يحصل من الضيف الأميركي على جملةٍ واحدة يسوّق من خلالها أن هناك تقدُّماً في الملفّ السياسي، وملفّ المفاوضات مع الاحتلال. وعبّر عباس، في اتصالات لاحقة أجراها مع كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، عن امتعاضه ممّا جرى، ولكن الأخيرَين حاولا تهدئته، بالقول إن «القضايا الإقليمية الكبرى تفرض نفسها على أجندة الرئيس الأميركي بعد الحرب الروسية - الأوكرانية»، وإن بايدن «لن يحرِّك الملفّ السياسي طالما لا يرغب الإسرائيليون في ذلك».وجاء الإحباط لدى قيادة السلطة على خلفية رفض بايدن قائمةً بمطالب سياسية قدّمها إليه عباس خلال لقائهما الأسبوع الماضي. وإنْ وعد الرئيس الأميركي بدراستها، لكنّه لم يلمّح بأيّ إشارات إيجابية تخصّها. وفي هذا الإطار، كشف رئيس المكتب الأميركي للشؤون الفلسطينية، جورج نول، أن بايدن ردَّ على مطالب عباس، بالقول: «هذه أشياء تحتاج إلى السيد المسيح، صانع المعجزات كي يحقّقها». ووفق مصادر السلطة المقرّبة من عباس، فإنه «لو وافق بايدن على إعادة فتح السفارة في القدس، أو رفع منظمة التحرير من قائمة الإرهاب الأميركية، لكانت كافية، حالياً، لتسويق إنجازات أمام حركة فتح والجمهور الفلسطيني». يأتي ذلك في ظلّ تزايد الانتقادات داخل حركة «فتح» تجاه السياسة التي يقودها عباس، وفشله في تحقيق إنجازات على المستوى السياسي، ما أدّى إلى استمرار تدهور شعبية الحركة في الشارع الفلسطيني. وطالبت مستويات قيادية في «فتح»، اللجنة المركزية، أخيراً، بإنجازات على المستوى السياسي والمستويَين الحكومي والاقتصادي، ليتمّ ترويجها ووقف النزف الذي تعانيه شعبيّة الحركة. وفي حال عدم توفّر ذلك، «التوجّه نحو اتّخاذ قرار بعودة الكفاح المسلّح ضدّ الاحتلال».
في الإطار ذاته، ألقت جريمة اغتيال المقاومَين محمد بشار العزيزي، وعبد الرحمن صبح، يوم أمس، بظلالها على حركة «فتح» في مدينة نابلس، إذ قال نائب رئيس الحركة، محمود العالول، تعليقاً على الجريمة: «من الواضح أن الجانب الآخر لا يفهم إلّا لغة المقاومة»، مضيفاً: «إنه كان يعتقد أن الحراك السياسي الذي شهدته المنطقة أخيراً، ربّما يؤدّي إلى شيء ما من الهدوء في الأراضي الفلسطينية أو الردع السياسي لإسرائيل، لكن على ما يبدو، لا جدوى من هذه الزيارة».
الإحباط لدى قيادة السلطة جاء على خلفية رفْض بايدن قائمةً بمطالب سياسية قدّمها إليه عباس


من ناحية ثانية، توجّه رئيس السلطة الفلسطينية، أمس، إلى العاصمة الأردنية، عمّان، للقاء الملك، وبحْث التطوّرات السياسية، فيما علمت «الأخبار» أن عباس سيتباحث مع عبد الله الثاني في شأن تقديم تسهيلات للفلسطينيين الذين يمرّون عبر «معبر الكرامة» الرابط بين الضفة الغربية والأردن، في وقت تحاول دولة الاحتلال تشغيل مطار رامون جنوب فلسطين المحتلّة، مقابل عدم توجّه الفلسطينيين إلى المحاكم الدولية لمقاضاتها. وبحث الجانبان أيضاً منْح الفلسطينيين تسهيلات للاستمرار في استخدام مطار الملكة عليا بدلاً من مطار رامون، وتسهيل سفرهم عبر «معبر الكرامة»، ومنْع استخدام الاحتلال للمعبر كورقة ابتزاز ضدّ الفلسطينيين. وتلى الاجتماع الثنائي آخر موسّع انضمّ إليه وفدا البلدين، وضمّ الوفد الفلسطيني: أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» حسين الشيخ، مدير جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي وسفير فلسطين لدى الأردن عطا الله خيري؛ وعن الجانب الأردني: رئيس الوزراء بشر الخصاونة، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، بحسب بيان للرئاسة الفلسطينية.