على بعد ساعات من موعد الانتخابات الرئاسية، صعّدت المعارضة المسلّحة من نشاطها العسكري في مناطق عدّة من البلاد. التصعيد المتوقع، كان لحلب النصيب الدموي الأكبر منه، إذ سقطت قذائف الهاون وأسطوانات الغاز (مدفع جهنم) على نحو جنوني على أحياء المدينة الغربية، ما أدى إلى استشهاد حوالى 23 مدنياً، وجرح 60.
وأصدرت «غرفة عمليات دمشق» التابعة للمعارضة المسلّحة في ريف العاصمة، بياناً أكّدت فيه تصعيد العمل العسكري، معلنة «مدينة دمشق منطقة عسكرية طيلة فترة الانتخابات الرئاسية»، مطالبة الأهالي بـ«التزام بيوتهم ومنازلهم حرصاً على سلامتهم».
ميدانياً، لا تزال الغوطة الشرقية تشكّل الساحة الرئيسية للمعارك في هذا الريف، إذ اندلعت أمس اشتباكات عنيفة في بلدة المليحة بين تنظيم «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و«لواء أمهات المؤمنين» وبين الجيش السوري، ومعظم تلك الاشتباكات جرت في عمق المليحة، من جهة بلدتي جسرين ودير العصافير. وفي أطراف مدينة دوما، أفاد مصدر عسكري بأنّ الجيش عثر على أنفاق جديدة للمسلّحين، فيما تجدّدت الاشتباكات شرق مستشفى الشرطة وغرب دوار الثانوية في حرستا، ما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من المسلّحين. وفي الزبداني أسفرت الاشتباكات في الحارة الغربية عن مقتل العديد من المسلّحين وجرح آخرين. أما في داريا ودروشة وخان الشيح، غرباً، فتواصلت الاشتباكات العنيفة بين الجيش والمسلّحين. وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار»: «ينصب اهتمام المسلّحين حول تظهير عملياتهم العسكرية إعلامياً بأقصى ما يمكن، أما على الأرض فالوضع مختلف، فهم لا يستطيعون إنجاز أي كسب معنوي في ريف دمشق، ذلك أن الجيش ضبط شروط المعارك إلى حد كبير خلال الأشهر الماضية».
وفي درعا جنوباً، أسفرت الاشتباكات مع الجيش السوري في بلدة نوى عن مقتل عمر محمد الربايعة، الملقب بأبو زبير الزرقاوي، وهو أردني الجنسية يقاتل في صفوف «جبهة النصرة». كذلك قضى فادي الزعبي، القائد الميداني لكتائب «شهداء حوران» متأثراً بجروحه، في أحد المستشفيات الأردنية.
إلى ذلك، قالت مصادر عسكرية إن مواجهات عدّة جرت على طريق بلدة الحراك ـــ الصورة، وفي عتمان وعلى طريق جاسم ــــ نوى، وفي بلدات الدواية الصغرى وأم العوسج وخربة ماما، في ريف درعا، ووقع بمحصلتها العديد من القتلى والمصابين بين صفوف المسلّحين. فيما اندلعت اشتباكات أخرى في مناطق الجسرة وصنع الحمام والزبيرة، في منطقة اللجاة في ريف درعا، وفي جنوب جامع الحمزة والعباس وغرب بيت الصياصنة وشمال الجامع العمري في درعا البلد.
وفي دير الزور بدا المشهد متداخلاً. تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» وحلفاؤها تبادلا إلحاق الهزائم ببعضهما البعض. «الحلفاء» حققوا تقدماً ملحوظاً داخل مدينة دير الزور، وفي محيطها القريب، حيث أعلنت مصادرهم استعادة السيطرة على كلّ من جسر السياسيه، الحسينية، خشام، مراط، الكسرة، الطابيه، نادي المهندسين، وكلية الزراعة، إثر هجوم كبير هدف إلى فك الحصار عن المدينة، بعدما كاد «داعش» يسيطر عليها. مصادر «داعش» لم تنفِ تراجعه في تلك المناطق، لكنها وصفته بأنه «تراجع طارئ». وأكد أحد كوادره الميدانيين لـ«الأخبار» أنّ «الأمر مؤقت وطارئ، وأن للباطل جولة». مسلحو «النصرة» وحلفاؤها لم يتوقفوا عند هذا التقدم، وأعلنوا بدء عملية في اتجاه الريف الغربي تهدف إلى «تطهيره من خوارج داعش». وأعلنت «النصرة» مقتل «نائب أمير الجبهة في البوكمال» بشار عيد محمد، الشهير بأبو قتادة. في المقابل، حقق «داعش» تقدماً هاماً في الريف الشرقي، عبر سيطرته على قرية البصيرة، بعد عملية التفافية من جهة نهر الخابور. وفي وقت متأخر من ليل أمس، استقدم التنظيم تعزيزات ضخمة بغية استعادة توازنه على وقع استمرار المعارك الضارية بين الطرفين في معظم جبهات دير الزور، وسط توعد كلّ منهما بسحق عدوّه.
من جهة أخرى، أعدم تنظيم «داعش» خمسة أفراد من أسرة واحدة، بينهم مسنّ يبلغ 102 من العمر، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض أمس.
وقال المرصد: «استشهد رجل معمر يبلغ من العمر 102، وولده، وحفيده وزوجة حفيده وابنتهما، إثر هجوم مقاتلين من الدولة الإسلامية في العراق والشام على قرية زنوبة في الريف الشرقي لمدينة سلمية» في محافظة حماة.
وأوضح المرصد أنّ الهجوم وقع ليل الخميس 29 أيار، مشيراً إلى أنّ «بعض أفراد العائلة أحرقوا، والبعض الآخر قتلوا وهم نائمون». وقرية زنوبة معظمها أراض زراعية يقطنها عدد محدود من الأشخاص.