غزة | يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة رفع مستوى الضغط على الاحتلال دون الالتفات إلى وعود الوسطاء التي لم تُقدّم، حتى الآن، جديداً للغزّيين في الملفّ الاقتصادي وملفّ إعادة الإعمار. وأعلنت الوحدات الشعبية الفلسطينية تصعيد فعالياتها ضدّ الاحتلال، فيما تواصلت تهديدات هذا الأخير في ضوء منْح الإدارة الأميركية موافقتها لاستهداف حركة «حماس»، على رغم رفضها ربْط ملفّ الجنود الأسرى بالملفّ الإنساني. وأفاد مصدر فلسطيني، «الأخبار»، بأن الفصائل قرّرت الاستمرار بعمليات الضغط الشعبي على طول حدود غزة، بهدف كسْر معادلة الاحتلال المتعلّقة بقصف القطاع ردّاً على إطلاق البالونات، بالإضافة إلى كسْر محاولته ربْط عملية التحسين الاقتصادي وإعادة الإعمار، بملفّ الجنود الأسرى. وأشار المصدر إلى أن الاتصالات مع الوسطاء لا تزال متواصلة، من دون أن تحقّق أيّ خرق ذي أهمية، مضيفاً أن «الوسطاء باتوا يدركون أن المشكلة لدى الاحتلال الذي يستمرّ في الضغط على قطاع غزة، ولا يريد نزْع فتيل اشتعال الأوضاع، ويريد من الغزّيين الاستمرار في حالة الاختناق الاقتصادي وتعثّر الإعمار، كنوعٍ من العقاب الجماعي، بعد الصورة المهينة التي وقعت فيها دولة الاحتلال بفعل المقاومة خلال معركة سيف القدس» في أيار الماضي. وشدّد على أن تصاعُد عمليات الضغط بشكل تدريجي «أمر تمّ الاتفاق عليه بين الفصائل الفلسطينية»، وأن هناك «برنامجاً لفعاليات ستقام بشكل يومي، فيما لن يتمّ وقْف عمليات الضغط إلّا بعد أن يشعر المواطنون في القطاع، بتحسّن الأوضاع وبدء عملية إعادة الإعمار».في هذا الوقت، حمّلت حركة «حماس»، الاحتلال الإسرائيلي، كلّ تداعيات الحصار على غزة، وتصاعُد الأزمة الإنسانية لدى سكانها، كون السياسات المتطرّفة التي يتبعها ستدفع بقوّة في اتجاه خلْق أجواء التصعيد والانفجار، داعيةً على لسان الناطق باسمها، فوزي برهوم، الجميع إلى «تحمُّل مسؤولياته والضغط على الاحتلال لإنهاء حصاره الظالم»، الذي أكد أن «أيّ هدوء أو استقرار، لن يتحقّق ما دام شعبنا يفتقد الحياة الحرّة والكريمة».
وفي موازاة ذلك، أفادت إذاعة جيش الاحتلال، أمس، بأن رئيس الحكومة، نفتالي بينت، حصل من واشنطن على موافقة ضمنيّة على أيّ إجراءات تتّخذها حكومته ضدّ حركة «حماس» في غزة، في إطار الدفاع عن أمن المستوطنات الجنوبية، وفي ظلّ تعاظم القوّة الصاروخية لفصائل المقاومة الفلسطينية. وبحسب الإذاعة، طالبت واشنطن تل أبيب بإعطاء الجهود المصرية فرصةً، قبل أيّ تحرُّك من شأنه أن يُدخل المنطقة في أزمة جديدة لا يريدها أحد حالياً، في حين وقع جدال بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، في شأن قضيّة قطاع غزة، إذ دعا الأوّل الأخير إلى عدم ربْط ملفّ الجنود الأسرى والمفقودين في القطاع، بالقضايا الإنسانية الأساسية لغزة مثل الكهرباء والوقود وغيرهما.
حمّلت «حماس» الاحتلال الإسرائيلي كلّ تداعيات الحصار على غزة، وتصاعُد الأزمة الإنسانية لدى سكانها

من جانبه، قال المحلّل العسكري في موقع «واللا» العبري، أمير بوحبوط، إن المعادلة التي تحاول الحكومة الإسرائيلية فرضها لحلّ ملفّ الأسرى مقابل إعمار غزة، صعبة للغاية، ولا تحظى بدعم من البيت الأبيض. وفيما قالت وزيرة القضاء، إيليت شاكيد، إن دولة الاحتلال ستردّ بقوّة على أيّ تصعيد من جانب «حماس»، كشف موقع «واللا» أن الرئيس الأميركي، طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية، خلال اجتماعهما في البيت الأبيض، الجمعة، بالامتناع عن اتخاذ إجراءات يمكن أن تزيد من حدّة التوتّرات مع الفلسطينيين، داعياً إياه إلى المضيّ في خطوات من شأنها تحسين حياة الفلسطينيين والوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن بينت عرض، خلال اللقاء، مجموعة من الأهداف والشروط المتعلّقة بقطاع غزة لتلبية احتياجاته، وتحدّث عن وقف فوري لإطلاق الصواريخ، وعن قضيّة الأسرى والمفقودين.
ميدانياً، وبعد قصف الاحتلال لعدد من مواقع المقاومة ليلاً، عاودت الوحدات الشعبية في القطاع إطلاق البالونات الحارقة والمتفجّرة في اتجاه مستوطنات غلاف غزة، بعد انطلاق عمل وحدات الإرباك الليلي قبل يومين. وقال ضابط أمن المجلس الإقليمي إشكول، إيلان إيزيكسون، إنه ليس من الممكن أبداً فهم ما يحدث في غزة مع استمرار الحرائق والتوتّرات عند الحدود. وبعد ساعات من التوتّر واستمرار الفعاليات الشعبية، أعلنت سلطات الاحتلال فتح معبَري بيت حانون وكرم أبو سالم، لإدخال البضائع والوقود إلى القطاع.