بغداد | مع توسّع رقعة الاحتجاجات في بعض مناطق جنوب العراق على خلفية أزمة الكهرباء المتجدّدة، وعودة فصائل المقاومة إلى التصعيد ضدّ المنشآت والقواعد العسكرية التابعة للاحتلال الأميركي في عمليات متسارعة كان آخرَها في الساعات الماضية هجومان استهدفا قاعدة عين الأسد ومطار أربيل، بدأت تُروّج أطراف سياسية لوجود "مؤامرة" أساسها إثارة الفوضى في الداخل، وتصوير العراق بوصفه بيئة غير آمنة لتنظيم الانتخابات، ما يدفع إلى تأجيل هذه الأخيرة المُقرّرة في العاشر من تشرين الأول المقبل. لكن في المقابل، ثمّة مَن يعتقد أن لا إرادة خارجية أصلاً لإجراء الاقتراع المبكر، وأن هناك، على العكس، رغبة في تمديد عمل الحكومة الحالية ومنحها مزيداً من الوقت. وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر سياسي مطّلع، لـ"الأخبار"، أن رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، مصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها، وأنه لا يرغب في أيّ تأجيل لها، خصوصاً أن "مصداقيّته وبرنامجه الوزاري ينعكسان في جدّيته في المُضيّ في ذلك الاستحقاق"، لافتة إلى أن "إصراره انعكس في سعيه لتأمين احتياجات المفوضية العليا للانتخابات كافّة، والعمل على مواكبة مستلزماتها".لكن بحسب آخر المعطيات والمعلومات، فإن ثمّة قناعة سائدة لدى معظم الأطراف بأن البلاد "غير مُهيّأة لخيار الانتخابات"، وأن "كلّ ما يدور في الاعلام من أحاديث هو شراء للوقت ليس إلّا". ولذا، تُوجّه القوى السياسية أنظارها إلى ما ستؤول إليه الأوضاع في الشهرين المقبلين، ولا سيما أن مؤشّرات تأجيل الاقتراع بدأت تلوح في الأفق. وفي هذا السياق، يبدو أن الأميركيين لم يعودوا يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة لعلمهم بأنها لن تُحدث أيّ تغيير في الخارطة السياسية العراقية، فيما الأوروبيون يركّزون على مسألة افتقاد العراق لـ"البيئة الانتخابية الآمنة، في ظلّ سطوة السلاح". وهو ما بدأته السفارة البريطانية، قبل حوالى شهر، عندما اعتبرت أن الوضع الأمني في البلاد لا يصلح لإجراء انتخابات، في تصريح أربك عملية التحضير للاقتراع. أمّا الإيرانيون فبدأوا يدرسون جدّياً خيار التأجيل، وما سيترتّب عليه من تصعيد مرتقب، في حين لم تَعُد "المرجعية الدينية" في النجف متحمّسة للاستحقاق كما كانت سابقاً.
من بين السيناريوات المطروحة على الطاولة الإبقاء على فريق الكاظمي لغاية أيار 2022


ومن بين العوامل التي تدفع في اتّجاه التأجيل أيضاً، الصراع المحتدم من الآن على آلية اختيار رئيس الوزراء المقبل، خصوصاً في ظلّ الاصطفافات الحادّة حتى داخل "البيت الواحد". وفي حال وقوع التأجيل بالفعل، فإن سيناريوات عدّة ستكون مطروحة على الطاولة، أبرزها: استقالة الحكومة وتحوّلها إلى حكومة تصريف أعمال، أو الإبقاء على فريق الكاظمي لغاية أيار 2022 وهو الموعد الاعتيادي للانتخابات، أو تفعيل قرار حلّ البرلمان لنفسه والاحتكام إلى حكومة طوارئ، وهو ما يبدو صعب التطبيق، كما يقول مصدر مطّلع لـ"الأخبار"، معتبراً أن على "الحكومة الحالية المُضيّ في طريق الاقتراع المبكر مهما بلغت التحدّيات".



تكثيف الهجمات ضدّ المصالح الأميركية
تصاعدت وتيرة استهداف مصالح الولايات المتحدة في العراق، مع تعرُّض موقعين يستضيفان قوات أميركية في بلاد الرافدين لهجمات صاروخية مختلفة. ووقع الهجوم الأوّل، مساء أوّل من أمس، على مطار أربيل الدولي الذي تقع على مقربة منه القنصلية الأميركية في عاصمة إقليم كردستان العراق، بواسطة طائرات مسيّرة مفخّخة دون أن يُسفر عن خسائر بشرية أو أضرار مادية، بحسب ما أعلنت هيئة مكافحة الإرهاب في الإقليم. وبحلول منتصف نهار يوم أمس، أعلن الناطق باسم "التحالف الدولي"، واين ماروتو، استهداف قاعدة "عين الأسد" التي تضمّ عسكريين أميركيين في محافظة الأنبار غرب العراق، بواسطة 14 صاروخاً، وسط أنباء عن إصابات طفيفة، متوعداً بالردّ على الهجوم الذي تبنّاه فصيل يطلق على نفسه "لواء ثأر المهندس". وتزامن هذا الهجوم العنيف مع إعلان "قوات سوريا الديمقراطية"، "قسد"، تصدّيها لهجمات بطائرات مسيّرة في منطقة حقل العمر الذي يشكّل أكبر قاعدة لـ"التحالف الدولي" في سوريا، في هجوم هو الثاني من نوعه خلال أيام.
(الأخبار)