«لم أستغرق وقتاً طويلاً حتى أصل من مدينة صُور إلى عكا، لولا أنني تأخرت قليلاً على الحدود. الحمد لله، هذه المرة لم أنس هويتي في البيت ككل مرة، وأستطعت أن أدخل فلسطين من دون عوائق. المرة القادمة سأحاول البقاء أكثر من يومٍ واحد، كنت أود الذهاب إلى حيفا، ولكن، من يكفيه بعض ساعات فقط على شاطئ عكا، ذلك الشاطئ في كل مرة يُذهلني، كم أكره أن أغادره!
سأعود، ربما نهاية الأسبوع، عندها سأبقى يومين على الأقل وسأعرج على حيفا قليلاً لأشتري بعض الأغراض. أه، صح، تذكرت. سأؤجل مشوار عكا وحيفا إلى وقتٍ آخر، فلديّ اجتماع عمل مع شركاء لنا في رام الله. كم تشبه هذه المدينة بيروت، بزحمتها وضجيجها، أكاد لا أطيق السير فيها في النهار، بالرغم من أنني فعلاً أحبها... ولكن في الليل فقط! يللا معليش، سأتصل بعُمر كي يأتي من بير زيت ويعينني على هذا اليوم، بعدها سأكمل معه السهرة في مقهى رام الله حتى يحل منتصف الليل. «ألو؟ سارة كيفك؟ ليكي عزيزتي نهاية الأسبوع عندي اجتماع برام الله وبدي التقي بصديق من بير زيت، بتحبي تروحي معي؟ لا لا، ممكن أنام بأوتيل لتاني يوم وبنرجع بنفل ع بيروت سوا... أوكي، اتفقنا!». ياااه... وأخيراً! سألتقي بعُمر في رام الله، ذلك الحقير لم أره منذ أشهر، لا أدري ما المشكلة أن يأتي من بير زيت إلى صُور؟ وكأن المواصلات مقطوعة! عندما أراه سألومه، في كل مرة أزور فيها فلسطين يشغّل لي أسطوانة النق «لبنان بعيدة بقدرش أروح وأرجع بنفس اليوم»، فعلاً حقير! هي بضع ساعات لا أكثر بالسيارة! المهم، أأذهب بسيارتي أم أركب المواصلات العامة؟ المرة الماضية كان الباص مزدحماً، واضطررنا للتوقف طويلاً في الناصرة بعدما تعطل! يا إلهي، رغم تلك الكارثة التي جعلتني أتأخر يوماً كاملاً حتى أصل رام الله، إلا أنه كان يوماً أسطورياً!
لم يخطر لي قبل ذلك اليوم أن أزور الناصرة، مع أنني أذهب إلى فلسطين على الأقل مرتين في الشهر! يومها ذهبت إلى منزل فتاة بالكاد أعرفها، «تعرفنا على بعضنا خلال عشاء في منزل صديقة مشتركة لنا في صيدا،». لطيفة جداً هذه الفتاة، أنا متأكدة أنها ستأتي لزيارتي يوماً في صور. «ألو، ماما كيفك؟ سأذهب إلى رام الله يومين عندي اجتماع عمل. بتحبي جبلك شي معي؟ وين؟ لأ ماما مش رايحة ع الخليل. ما معي وقت... لأ يا إمي المواصلات مش مقطوعة بس بعيد! طيب، رح آخد سيارتي وروح ع الخليل، كم متر قماش بدك؟ أوكي، باي!». حسناً، إلى فلسطين نهاية الأسبوع.
هذه الأحداث مستوحاة من فكرة صفحة على موقع فايسبوك تحت عنوان «لو فلسطين مش محتلة».