لدى القاهرة معلومات شبه مؤكدة عن تحرك إثيوبي جديد لإقامة سد آخر على النيل
صحيح أن مشكلة السد لم تغب خلال مناقشات وزير الخزانة الأميركي، ستفين منوتشين، في القاهرة والخرطوم الأسبوع الماضي، لكن هذه المناقشات لم تثمر سوى عن مزيد من التعاون المتحقق بالفعل بين القاهرة والخرطوم والتباعد مع أديس أبابا التي تتمسك بحقها في رفضها توقيع اتفاق يفرض عليها التزامات دولية. مع ذلك، لم يدن السودان حتى الآن إثيوبيا ومواقفها في المماطلة بوضوح وبصراحة، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عازم على طرح الأمر بجدية في اجتماعات الاتحاد الأفريقي خلال دورته المقبلة، لكن مع السعي إلى حل ينهي الأزمة ولا سيما أن عملية الملء الثاني ستكون تبعاتها على مصر كبيرة، وخاصة أن السودان سيحصل على احتياجاته كاملة من المياه على عكس ما حدث وقت الملء الأول عندما استفادت مصر من انهيار «سد بوط» وضخ المياه المخزنة فيه إلى النيل.
يشار إلى أن السودان غاب عن اجتماع المفاوضات الأسبوع الماضي دون سبب واضح، فيما تترقب مصر موقف جنوب أفريقيا بعد سبعة أشهر من المفاوضات بلا جدوى، ما يعني احتمالية إحالة الملف مجدداً على مجلس الأمن مع الإقرار بإخفاق الاتحاد الأفريقي بوصفه المنظمة الإقليمية المعنية بالأزمة في التوصل إلى اتفاق يرضي البلدان الثلاثة، وخاصة أن المفاوضات تدور حول النقاط الخلافية نفسها التي برزت منذ اجتماعات واشنطن. هكذا، تبدو القناعة المصرية راسخة بأن إثيوبيا لم تعد راغبة في توقيع أي اتفاقات ملزمة، والتصعيد قادم لا محالة. تصعيد يحكمه حالياً الموقف السوداني المتذبذب والمتغير والمتأثر بالأوضاع الداخلية في المقام الأول، فالقاهرة تنتظر موقفاً واضحاً من الخرطوم قبل أن تقرر التحرك بمفردها أو بتحركات ثنائية معها، وخاصة أن لديها معلومات شبه مؤكدة عن تحرك إثيوبي جديد لإقامة سدّ آخر على النيل. أما الموقف الأميركي، فلم يعد يعوّل عليه ليس لرحيل إدارة دونالد ترامب التي انحازت إلى الجانب المصري نهاية مراحل التفاوض بل لأن الإدارة الجديدة لن تكون مهتمة بالتدخل في الأزمة على الأقل خلال الشهور الأولى، ما يسمح لإثيوبيا ببدء الملء الثاني.