بموازاة ذلك، اجتمع في الأيام الماضية رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، بوفد ممثل لـ«المجلس الأعلى للدولة» لمناقشة تفاصيل الاتفاق الأخير بينهما، حول تكوين «مجلس رئاسي» جديد. جرى اللقاء في مدينة الإسكندرية في مصر، حيث يملك صالح منزلاً هناك، وبحسب تصريحات بعض المشاركين، تسير المشاورات على نحو إيجابي. من ناحية أولى، جرى تثبيت خيار تقليص عدد أعضاء «المجلس الرئاسي» إلى رئيس وعضوين، بدل رئيس وثمانية أعضاء، وفصله عن الحكومة، كما جرى الاتفاق أيضاً على توحيد «المناصب السيادية»، والمقصود بذلك رؤساء عدد من المؤسسات، أهمها «المصرف المركزي» و«المؤسسة الوطنية للنفط»، إذ توجد الآن، مؤسسات موازية لها في شرق البلاد، لا تتمتع باعتراف دولي، لكنها تمارس سلطة محدودة، منها إقدام المصرف المركزي الموازي، في الأعوام الماضية، على طبع كميات من العملة في روسيا، وضخها في السوق.
تتجه العلاقة بين حفتر وإيطاليا أخيراً من الرفض إلى الاعتراف المتبادل
بدوره، لم يبق رئيس حكومة «الوفاق الوطني» الحالي، فائز السراج، مكتوف الأيدي أمام هذه الجهود لتنحيته. فبالإضافة إلى تحوله إلى الأردن والكويت في الأيام الماضية، حيث التقى الملك عبدالله والأمير جابر الصباح، استقل الرجل طائرة إلى بروكسيل، التي احتضنت اجتماعات «حلف شمال الأطلسي»، وقابل يوم الثلاثاء، وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو. ويرى مراقبون أن الهدف الرئيسي للسراج من هذا اللقاء الوجيز، الذي استمر لـ35 دقيقة فقط، هو إثبات أنه يحظى بدعم واشنطن وثقتها، التي بدأت أخيراً في تجديد اهتمامها بالملف الليبي. نال الرجل ما يريد، حيث نشر بومبيو تغريدة على حساب في «تويتر»، أول من أمس، قال فيها: «اجتماع جيد جداً مع رئيس الوزراء الليبي السراج». وأضاف: «أعدنا تأكيد دعمنا للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، غسان سلامة، وعمله مع الليبيين في اتجاه (تنظيم) الملتقى الوطني والمسار الانتخابي. هدفنا المشترك هو (الوصول إلى) ليبيا مستقرة وموحدة، قادرة على الاضطلاع بأمن جميع الليبيين وازدهارهم الاقتصادي».
لم تقف سلسلة اللقاءات المعقودة خارج ليبيا عند هذا الحد، إذ نظم «مركز الحوار الإنساني»، بتكليف من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، لقاءً تشاورياً، أمس، حول التقرير النهائي الذي تمخض عن عشرات اللقاءات، مع تجمعات للمواطنين جرت داخل ليبيا. عُقد الاجتماع في تونس، وحضرته شخصيات ممثلة لجهات البلاد الثلاث، الشرق والغرب والجنوب، ولمختلف التيارات السياسية، حيث جاء أعضاء من البرلمان، وآخرون من «المجلس الرئاسي» و«المجلس الأعلى للدولة»، وكذلك بعض الشخصيات المحسوبة على نظام القذافي، على غرار آخر رئيس لـ«المؤتمر الشعبي العام» (البرلمان)، محمد أبو القاسم الزوي، وآخر رئيس لـ«جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية»، علي الدبيبة (مع ذلك أعلنت «الحركة الوطنية الشعبية الليبية»، التي تدافع عن «فكر» القذافي، منع ممثلها من دخول تونس). تضاف إلى هذا الزخم، مجموعة أخرى من الأحدث التي تمت هذا الأسبوع، منها لقاءات مكثفة قامت بها نائبة المبعوث الدولي، الأميركية ستيفاني ويليامز، مع نواب برلمانيين ونشطاء من المجتمع المدني داخل ليبيا، وتوجيه سيف الإسلام القذافي رسالة إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يشرح فيها له رؤيته للحل ويدعوه لدعمها.
يبدو أن هذه التحركات لن تهدأ قريباً، بل ستشتد مع اقتراب انعقاد «الملتقى الوطني»، الذي قال سلامة إنه سيلتئم بحلول ربيع العام المقبل، وموعد الاستفتاء على الدستور، الذي سيتم في النصف الثاني من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وفق ما أعلن، أمس، رئيس «المفوضيّة الوطنية العليا للانتخابات»، عماد السايح.