تونس | أنهى المجلس الوطني التأسيسي في تونس مساء أمس، المصادقة «فصلاً فصلاً» على الدستور الجديد للبلاد، في حين تنتهي غداً مهلة تأليف الحكومة الجديدة التي يُفتَرض أن يقدم تشكيلتها الرئيس المكلف مهدي جمعة إلى الرئيس منصف المرزوقي. والاتفاق على كل المحاور الخلافية.
ومن المفترض أن يتم في وقت لاحق، عرض الدستور للتصويت عليه بأكمله في «قراءة أولى» فإن لم يصوت عليه ثلثا نواب المجلس (145 نائباً من أصل 217) يتم عرضه على التصويت مرة ثانية. وإن لم يصوت على الدستور ثلثا الاعضاء المجلس في «قراءة ثانية» يتم طرحه على استفتاء شعبي.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية القبض على «صيد ثمين»، كان محل متابعة منذ أيام طويلة، من المجموعة الإرهابية المتحصنة في جبال الشعانبي من محافظة القصرين على الحدود التونسية الجزائرية.
هذا «الخطير»، الذي لا يتجاوز عمره ٢١ عاماً، واسمه فريد البرهومي، ابن جبال الشعانبي، سلّم نفسه لقوات الجيش وقدّم اعترافات مثيرة عن حجم المجموعة المرابطة في الجبل.
وأكد أنهم من جنسيات جزائرية وموريتانية وليبية وتونسية، وأنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.
ويبدو، بحسب ما تسرب من معلومات، أنه كان يعتقد بعدما خضع لعملية غسل دماغ أنه سيكون في موقع قيادي في التنظيم، لكنه لم يكلّف أكثر من موقع الحراسة، مما دفعه إلى تسليم نفسه ومعه ٦٠ رصاصة وقنبلتان يدويتان وسلاح كلاشنيكوف.
وتسرب أيضاً أن المجموعة المتحصنة في الجبل تملك هواتف وحواسيب تمكّنها من التواصل مع المجموعات النائمة، وأن مجال تحركها يمتد على طول الشريط الحدودي بين الجزائر وتونس وليبيا.
اعترافات هذا الإرهابي الشاب هزّت الشارع التونسي، إذ تطرح أكثر من سؤال عن مدى حرية الحركة والدعم اللوجستي اللذين يتمتع بهما الارهابيون، مما يدفع نحو الشك في أن تكون بعض الجهات النافذة في الدولة تقدّم إليهم الغطاء الأمني، بعدما وفّرت لهم الغطاء السياسي منذ صعود حركة النهضة إلى الحكم.
هذه المعلومات الجديدة تتزامن مع ما أعلنه القيادي في نقابة الأمن الجمهوري الحبيب الراشدي، نهاية الأسبوع الماضي عن وجود شبكات تسفير للشبان التونسيين إلى سوريا، تضم قادة في «النهضة».
وقال الراشدي إن هناك شخصاً سورياً يتولى تسفير الشبان مقابل منحة تصل إلى ٧ آلاف دولار تقريباً، وراتب شهري لعائلته، وهو ما شجّع مئات الشبان على الالتحاق بالمناطق التي يسيطر عليها «الجهاديون»، ويصل عدد التونسيين إلى الآلاف، حيث لا تملك الاستخبارات التونسية معلومات كافية عنهم بعد قطع الرئيس المؤقت منصف المرزوقي العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، وهو الخطأ القاتل الذي ارتكبته السلطة الجديدة، الذي ستدفع تونس ثمنه غالياً.
في الملف الأمني أيضاً كشف النقابي الراشدي أيضاً أن المتهم الرئيسي في اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، والزعيم الناصري محمد البراهمي، كمال القضقاضي، المُصنّف بأنه من أخطر الإرهابيين، عاد إلى تونس، وهو يتنقّل براحة تامة في العاصمة وضواحيها.
وكان النقابي في نقابة الأمن الجمهوري، عصام الدردوري، قد كشف قبل أيام أن سلسلة الهجمات التي استهدفت مراكز الأمن والمؤسسات العمومية التي شهدتها محافظة القصرين قبل أيام، كان هدفها الأساسي تخفيف الضغط على الإرهابيين المتحصنين في الجبال، حتى يتسللوا الى المدن استعداداً لارتكاب عمليات إرهابية جديدة، وهو ما يؤكده بيان وزارة الداخلية التي نشرت بلاغين كشفت فيهما عن تسلل إرهابيين تونسيين وجزائري خطيرين إلى المدن.
ونشرت الوزارة صور الارهابيين الثلاثة، وطلبت من المواطنين الإبلاغ عنهم. المعطيات الأمنية الجديدة تؤكد أن تونس لا تزال تحتاج الى وقت طويل للتخلص من الخلايا الإرهابية.
وما يزيد هذا الموضوع تعقيداً، انفجار الوضع الأمني في ليبيا، اذ تستقبل تونس منذ أيام آلاف الهاربين من جحيم المعارك في الهضبة الافريقية الجارة، التي تُواجَه بتكتم أمني شديد، حيث أكّدت المعلومات التي قدمها المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع، حجز كميات من الذخيرة والسلاح في مناطق متفرقة من تونس آتية من ليبيا.